1,561,000 ريال مقابل 515,000 - هكذا يُباع نفس جنيه الذهب في بلد واحد! مليون ريال يمني كامل يفصل بين سعر جنيه الذهب الواحد في مدينتين يمنيتين، في مشهد يصعب تصديقه حتى على خبراء الاقتصاد. الفارق المذهل يزيد عن 300%، ليحول التجارة إلى مغامرة محفوفة بالمخاطر والفرص الذهبية. في ظل هذا التقلب المجنون، كل دقيقة تأخير قد تكلفك ثروة أو تحقق لك حلم العمر.
الأرقام تحكي قصة مأساوية وفرصة تاريخية في آن واحد: بينما يُباع جنيه الذهب في صنعاء بـ 515,000 ريال، يقفز سعره في عدن إلى 1,561,000 ريال - فارق يكفي لشراء سيارة صغيرة مستعملة! "لم نر في تاريخ التجارة مثل هذا التفاوت الجنوني،" يقول علي حسن، صائغ في صنعاء، وهو يراقب بعينين مصدومتين كيف تحولت مهنة أجداده إلى لعبة حظ محضة. جرام الذهب عيار 21 يحكي نفس القصة المؤلمة: 65,500 ريال في صنعاء مقابل 195,000 في عدن.
خلف هذا الجنون أسباب مؤلمة تحكي قصة وطن مقسم: الحرب اليمنية التي دخلت عامها التاسع حولت البلد الواحد إلى اقتصادات منفصلة، مثل أسعار الخبز في لينينجراد المحاصرة مقارنة بموسكو الآمنة. انقسام السلطة النقدية وأزمة السيولة الخانقة خلقت واقعاً يصعب فهمه حتى على الخبراء. د. محمد الشرعبي، خبير الاقتصاد النقدي، يحذر بقلق: "نحن أمام انهيار محتمل للنظام النقدي الموحد، وهذا مجرد البداية."
الحياة اليومية للمواطنين تحولت إلى معادلة مستحيلة: أحمد محمد، موظف متقاعد من تعز، اضطر لبيع ذهب زوجته بأسعار منخفضة بعد أن اكتشف أن مدخرات العمر تساوي ثلث قيمتها الحقيقية في مدينة أخرى. على النقيض، فاطمة علي، تاجرة ذكية من الحديدة، حققت أرباحاً خيالية من المراجحة بين المدن رغم المخاطر الأمنية المرعبة. رائحة المعدن والتوتر تملأ محلات الذهب، بينما تقرقع قطع الذهب في أيدي التجار المرتجفة وآلات الحاسبة تعمل بمحمومية مستمرة.
مستقبل مجهول ينتظر اقتصاداً يحتضر: التوقعات تشير لمزيد من التقلبات الحادة حتى استقرار الوضع السياسي، بينما يحذر الخبراء من تحول كامل لاقتصاد بديل منفصل عن النظام الرسمي. الفرص الذهبية متاحة للمحترفين الجريئين، لكن المخاطر كارثية للمبتدئين والمدخرين البسطاء. في عالم تتغير فيه الأسعار بسرعة البرق مع كل خبر سياسي، هل تجرؤ على المغامرة بمدخراتك؟ أم ستراقب من بعيد وأموالك تذوب أمام عينيك؟