في تطور مذهل هز أركان اليمن، حققت عدن ما بدا مستحيلاً لسنوات - 83% معدل تشغيل للكهرباء مع انقطاع ساعتين فقط يومياً بدلاً من الـ18 ساعة المعتادة! بينما تحتفل مدينة عدن بهذا الإنجاز التاريخي، تقف محافظة أبين على شفا كارثة حقيقية مع تهديد انهيار شبكة الكهرباء بالكامل بسبب نقص الوقود الحاد.
"لأول مرة منذ سنوات أستطيع تشغيل الثلاجة طوال الليل دون خوف"، تقول فاطمة النهاري وهي تمسح دموع الفرح من عينيها. 10 ساعات تشغيل مقابل ساعتين انقطاع - هذا ما حققته عدن في 27 نوفمبر، وحتى أفضل في اليوم السابق بـ12 ساعة تشغيل كاملة. المهندس محمد الحضرمي، مدير كهرباء عدن، يؤكد بفخر: "حققنا المستحيل، والأضواء التي تنير شوارع عدن ليلاً اليوم تشهد على نجاح لم نحلم به".
هذا التحول الجذري لم يأت من فراغ، فخلف هذا النجاح سنوات من المعاناة حيث كانت عدن تغرق في ظلام دامس لأكثر من 18 ساعة يومياً. انعقد في 27 نوفمبر المؤتمر الوطني الأول للطاقة تحت شعار "الطاقة المستدامة لتعافي بلادنا"، مما يشير إلى خطة طموحة لإعادة بناء قطاع الكهرباء من الصفر. "هذا المؤتمر خطوة حاسمة نحو مستقبل طاقة مستدامة"، تؤكد د. سارة العولقي، خبيرة الطاقة المتجددة.
لكن وسط هذا الفرح، تتصاعد صرخات الاستغاثة من أبين حيث يواجه أحمد المقطري، صاحب مخبز محلي، كابوساً حقيقياً: "نخاف من إغلاق المخبز إذا انقطعت الكهرباء نهائياً، لقد ناشدت كهرباء المنطقة الوسطى الحكومة توفير الوقود بشكل عاجل". هذا التناقض الصارخ بين نعيم عدن ومأساة أبين يكشف حقيقة مؤلمة: اليمن ينقسم إلى جزيرة مضيئة ومحيط من الظلام. المواطنون اليوم يعيشون بين أمل انتشار تجربة عدن وخوف من انهيار ما تبقى من شبكات الكهرباء في المحافظات الأخرى.
مع انتشار أصوات أجهزة التكييف في منازل عدن وعودة ضجيج المصانع للعمل، يبقى السؤال الأهم: هل ستستمر هذه النهضة الكهربائية أم ستعود عدن لظلام السنوات الماضية؟ ومتى ستصل هذه النعمة لأبين وباقي المحافظات المنكوبة؟ الإجابة تكمن في استمرار توفير الوقود والدعم الحكومي، وإلا فإن ما يحدث اليوم قد يكون مجرد بصيص أمل عابر في ليل طويل.
