الرئيسية / مال وأعمال / صادم: اليمن ثالث دولة عالمياً في الاعتماد على تحويلات المغتربين... 7.4 مليار دولار تنقذ الاقتصاد من الانهيار!
صادم: اليمن ثالث دولة عالمياً في الاعتماد على تحويلات المغتربين... 7.4 مليار دولار تنقذ الاقتصاد من الانهيار!

صادم: اليمن ثالث دولة عالمياً في الاعتماد على تحويلات المغتربين... 7.4 مليار دولار تنقذ الاقتصاد من الانهيار!

نشر: verified icon مروان الظفاري 27 نوفمبر 2025 الساعة 10:15 مساءاً

في تطور يهز أركان الاقتصاد العالمي، حققت اليمن إنجازاً مأساوياً جديداً بوصولها للمرتبة الثالثة عالمياً في الاعتماد على تحويلات المغتربين، برقم صاعق يتجاوز 7.4 مليار دولار خلال عام واحد - مبلغ يفوق ميزانيات دول كاملة، يتدفق من جيوب عمال مغتربين إلى أسر جائعة تنتظر كل ريال لتعيش يوماً آخر. ثلث اقتصاد دولة بأكملها أصبح يعتمد على رسائل نصية تحمل أرقاماً من تطبيقات التحويل، بينما مليون أسرة يمنية تترقب إشعاراً واحداً يحدد مصير طعامها اليوم.

الأرقام تحكي قصة مؤلمة عن شعب يعيش على أنفاس أبنائه المنتشرين في أصقاع الأرض. 38% من الناتج المحلي الإجمالي لليمن يأتي الآن من هذه التحويلات، متجاوزاً عائدات النفط التي كانت شريان الحياة قبل عام 2015. محمد علي الحضرمي، مهندس يعمل في دبي، يرسل 70% من راتبه لعائلته ويقول بصوت مختنق: "هذا ليس مجرد واجب، هذا سباق مع الموت لإنقاذ من تبقى من أسرتي". السعودية وحدها ضخت 3.2 مليار دولار كتحويلات خلال العام الماضي، وفقاً لمؤسسة النقد العربي السعودي، في مشهد يشبه نقل الدم لمريض في العناية المركزة.

خلف هذه الأرقام القياسية تكمن مأساة أعمق بدأت مع اندلاع الحرب عام 2015، عندما انهار اقتصاد بلد كامل وتحولت ملايين الأسر من الاعتماد على عائدات النفط والزراعة إلى انتظار أموال أبنائها النازحين. الدكتور عبدالرحمن المقطري، خبير اقتصادي يمني، يحذر: "نحن نشهد تحولاً هيكلياً خطيراً - اقتصاد بحجم اليمن لا يمكن أن يعتمد على التحويلات إلى الأبد". التقارير تشير إلى أن الرقم الحقيقي قد يصل إلى 9 مليارات دولار عند احتساب التحويلات غير الرسمية، رقم يضع اليمن في مقدمة الدول الأكثر اعتماداً على هذا المصدر رغم حجمه السكاني الكبير الذي يتجاوز 30 مليون نسمة.

لكن الصورة على الأرض أكثر إيلاماً مما تحكيه الإحصائيات. فاطمة أحمد، أم لثلاثة أطفال من تعز، تجلس أمام هاتفها المحمول كل صباح تنتظر رسالة تحويل من ابنها العامل في الرياض: "بدون هذه الـ200 دولار شهرياً، أطفالي لن يأكلوا". 66% من الأسر اليمنية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية، بينما تراجعت المساعدات الإنسانية إلى مستويات قياسية. أحمد سالم، موظف في مكتب تحويلات بصنعاء، يصف مشاهد يومية مؤلمة: "نرى طوابير من الأمهات والأطفال، بعضها لم تأكل منذ أيام، تنتظر تحويلة قد لا تصل".

مع تصاعد التهديدات، يحذر ائتلاف النقد في اليمن من مخاطر حقيقية تهدد بقطع هذا الشريان الحيوي. العقوبات الأمريكية المتصاعدة والانقسام الاقتصادي والحرب بين السلطات المتنافسة تضع مليون أسرة على حافة الهاوية. هذه التحويلات، التي تفوق خطة مارشال نسبياً من حيث الأهمية للاقتصاد المحلي، أصبحت بمثابة الأوكسجين لمريض في العناية المركزة - حيوية للبقاء لكنها لا تشفي المرض الأساسي. السؤال المؤرق الذي يطرح نفسه: كم من الوقت يمكن لشعب كامل أن يعيش على أموال أبنائه المغتربين؟ وماذا سيحدث إذا انقطع هذا الخيط الرفيع الذي يربط الحياة بالموت لملايين اليمنيين؟

شارك الخبر