في إنجاز تاريخي يضع المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول المتقدمة عالمياً، كشفت الهيئة العامة للإحصاء عن تحقيق نسبة 100% تغطية كاملة لخدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي لجميع السكان - إنجاز استثنائي لا تحققه سوى 12 دولة من أصل 195 دولة في العالم. الأرقام المذهلة تكشف استهلاك 161.2 ألف جيجاواط ساعة من الطاقة الكهربائية، وهي كمية تكفي لإنارة مدينة بحجم لندن بأكملها لسنة كاملة!
تفاصيل الإحصائيات الصادرة اليوم تؤكد أن منطقة الرياض تصدرت قائمة الاستهلاك بـ 45.2 ألف جيجاواط ساعة، تلتها مكة المكرمة بـ 41.3 ألف جيجاواط، بينما سجلت الباحة أدنى استهلاك بـ 1.4 ألف جيجاواط. أم خالد من الرياض، إحدى المستفيدات من برامج الترشيد، تشارك تجربتها: "وفرت 40% من فاتورة الكهرباء بتطبيق تعليمات الترشيد، وأصبح منزلنا أكثر راحة وأقل تكلفة." هذا النجاح يعكس ثمار الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية التي بلغت مليارات الريالات خلال العقد الماضي.
الجذور العميقة لهذا الإنجاز تعود إلى رؤية السعودية 2030 والخطط الاستراتيجية طويلة المدى التي ركزت على تطوير شبكات الطاقة والمياه. مقارنة بإحصائيات عام 2010 عندما كانت التغطية 87%، فإن الوصول إلى 100% يمثل قفزة نوعية تضاهي التطور الذي شهدته اليابان وألمانيا خلال عقود من التطوير المتواصل. الدكتور أحمد الخبراني، خبير الطاقة، يؤكد: "هذا الإنجاز يضع المملكة في مصاف الدول الرائدة تقنياً، ويعكس نضج منظومة الطاقة الوطنية."
التأثير المباشر لهذا الإنجاز يلمسه كل مواطن ومقيم في حياته اليومية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 92% من الأسر تطبق تعليمات ترشيد الطاقة، و40.8% أبدت رغبتها في التحول للطاقة الشمسية. المهندس سالم من جدة يحكي تجربته: "نصبت ألواحاً شمسية العام الماضي ووفرت 60% من استهلاكي، والآن أفكر في توسيع النظام ليشمل كامل المنزل." هذا الوعي البيئي المتنامي يبشر بمستقبل مشرق للطاقة المتجددة، خاصة مع توقعات الخبراء بنمو القطاع بنسبة 15% سنوياً خلال السنوات الخمس القادمة.
هذا الإنجاز التاريخي ليس مجرد رقم إحصائي، بل شهادة حية على قدرة المملكة على تحويل الرؤى إلى واقع ملموس يعيشه الملايين يومياً. مع استمرار الاستثمار في التقنيات الذكية والطاقة المتجددة، تتطلع المملكة لتكون نموذجاً عالمياً يُحتذى به في الاستدامة والكفاءة. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستنجح المملكة في الحفاظ على هذا التفوق العالمي وتطويره أكثر في العقود القادمة؟