في تطور مناخي صادم يقسم الجنوب العربي بين النار والجليد، تواجه اليمن فارقاً حرارياً هائلاً يصل إلى 19 درجة مئوية في يوم واحد، بينما تحترق عدن تحت شمس 35 درجة، تتجمد سيئون تحت برد قارس لا يتجاوز 16 درجة. موجة صقيع قاسية تهدد المحاصيل والأرواح في 6 محافظات جبلية، في مشهد مناخي استثنائي لم تشهده المنطقة منذ سنوات.
الأرقام تحكي قصة مرعبة: بينما يستمتع سكان المناطق الساحلية بدرجات حرارة معتدلة تتراوح بين 25-35 درجة، يواجه المزارعون في المرتفعات كابوساً حقيقياً. "المحاصيل تموت أمام أعيننا، والصقيع يدمر كل ما زرعناه"، يروي أحمد الجبلي، مزارع من ذمار، وهو يشاهد حقوله تتحول إلى مقبرة خضراء. المركز الوطني للأرصاد يحذر من استمرار هذا الطقس الشديد البرودة الذي قد يهدد الأرواح في المرتفعات.
هذه الموجة الباردة تذكرنا بشتاء 2018 المدمر الذي شهد تساقط الثلوج النادر على قمم الجبال، لكن الخبراء يؤكدون أن التباين الحراري الحالي أكثر حدة. التضاريس الجبلية والموقع الجغرافي يخلقان تباينات مناخية حادة تجعل الانتقال بين المحافظات كالسفر عبر فصول مختلفة. د. محمد المناخي، خبير الأرصاد، يتوقع استمرار هذه الموجة لأيام قادمة مع احتمال تفاقم الأوضاع في المناطق الجبلية العالية.
الحياة اليومية تشهد تغييراً جذرياً بين منطقة وأخرى: بينما تنشط السياحة الداخلية في المناطق الساحلية المعتدلة مثل عدن وسقطرى، يكافح سكان المرتفعات من أجل البقاء دافئين. سالم الحضرمي، سائق من سيئون، يصف معاناته: "الفارق صادم، في النهار تشعر بالدفء، وفي الليل تتجمد العظام". الخسائر الزراعية المتوقعة فادحة، وتزايد الإصابات بالأمراض الصدرية يضغط على المرافق الصحية المحدودة في المناطق النائية.
مع توقعات بتفاقم التغيرات المناخية في السنوات القادمة، تبرز ضرورة ملحة للتأهب والاستعداد لمواجهة هذه التقلبات الجوية القاسية. هل نحن مستعدون فعلاً لمواجهة غضب الطبيعة المتقلب، أم أن هذا الطقس المتطرف مجرد بداية لما هو آت؟