في تطور صادم يكشف مأساة حقيقية، تعيش مدينة عدن 25% من ساعات اليوم في ظلام دامس، حيث سجلت منطقة الطافي انقطاعاً للكهرباء لمدة 6 ساعات متواصلة مقارنة بساعتين فقط في اللاصي. في القرن الـ21، مدينة بحجم عدن تعيش كما لو كانت في القرون الوسطى، وكل دقيقة تمر تعني خسائر اقتصادية وإنسانية متراكمة تهدد بانهيار الحياة اليومية بالكامل.
وسط هذا الشلل الكهربائي المدمر، تروي أم محمد، ربة منزل في الطافي، معاناتها المريرة: "أشاهد طعام أطفالي يفسد في الثلاجة المتوقفة، والوضع أصبح لا يُطاق". الأرقام تكشف تفاوتاً صارخاً يثير التساؤلات، حيث يعاني سكان الطافي من انقطاع يزيد بنسبة 300% عن اللاصي. في المقابل، يبرز أبو أحمد، صاحب محل كهربائيات، كبطل شعبي يساعد جيرانه بمولد احتياطي وسط أصوات المولدات المزعجة التي تخترق صمت الليل المطبق.
تكشف الأزمة الحالية عن جذور عميقة لمعاناة مزمنة تفاقمت بسبب الحرب والإهمال المنهجي للبنية التحتية. نقص الوقود وتدهور الشبكة يشكلان العاملين الرئيسيين في هذه الكارثة، بينما يحذر د. عبدالله العدني، أستاذ الهندسة الكهربائية، من انهيار كامل للشبكة قائلاً: "نحن نواجه سيناريو كارثي قد يؤدي لانهيار تام للخدمات". الوضع يذكرنا بحصار لينينغراد، حيث كانت الكهرباء رفاهية نادرة، والآن أصبحت الكهرباء في عدن كالمطر في الصحراء - نادرة ومؤقتة.
الحياة اليومية تواجه شللاً شبه كامل، حيث يصف سالم الطافي، موظف حكومي، واقعه المرير: "6 ساعات انقطاع يومياً تعني أن ربع حياتنا توقف تماماً". تلف المواد الغذائية وتوقف الأعمال التجارية يضربان الاقتصاد المحلي كالزلزال المتكرر، بينما يختنق المواطنون في الحر الخانق بدون مكيفات وسط رائحة عادم المولدات التي تملأ الهواء. الفرص البديلة كالطاقة الشمسية والبطاريات الاحتياطية تبرز كخيارات إنقاذ وسط هذا الخراب المنهجي.
عدن تختنق في ظلام أزمة كهربائية تهدد بتحويل العاصمة الاقتصادية إلى مدينة أشباح. الحاجة الماسة لحلول جذرية وتدخل دولي فوري باتت ضرورة حياة وليست مجرد رفاهية، والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: كم من الوقت يمكن لمدينة أن تصمد في الظلام قبل أن تفقد آخر بصيص أمل؟