في تطور استراتيجي يعيد رسم خريطة الاستثمار العالمي، يدير صندوق الاستثمارات العامة السعودي تريليونات الدولارات في مراجعة صامتة تشمل مئات المشاريع عبر أكثر من 100 دولة. هذه ليست مجرد مراجعة روتينية، بل خطة محكمة تستهدف تحقيق قفزة نوعية في عوائد الاستثمار بنسبة تصل إلى 20% خلال الثلاث سنوات القادمة، في أكبر إعادة هيكلة يشهدها صندوق سيادي في المنطقة منذ عقود.
وسط أجواء من الترقب المحموم، تتحرك فرق المراجعة الاستراتيجية داخل الأبراج الزجاجية للصندوق، حيث تضيء الشاشات العملاقة بيانات استثمارات تعادل ميزانيات دول بأكملها. أحمد المطيري، مقاول في أحد مشاريع نيوم، يصف القلق الذي يتملك المتعاملين: "كل رقم يتغير على هذه الشاشات قد يعني مستقبل عشرات آلاف الوظائف." النيويورك تايمز تكشف أن هذه المراجعة تشمل إعادة تقييم كامل لاستثمارات تقدر بـ مئات مليارات الدولارات في قطاعات التكنولوجيا والترفيه والرياضات الإلكترونية.
هذا التحرك الاستراتيجي ليس وليد اليوم، بل ثمرة تخطيط دقيق بدأ مع إطلاق رؤية 2030 في عام 2016. د. محمد العثمان، الخبير الاقتصادي، يقارن هذه الخطوة بإعادة هيكلة الصناديق السيادية النرويجية والسنغافورية في العقود الماضية: "هذه مراجعة حتمية لضمان الاستدامة في عصر التقلبات الاقتصادية." الصندوق يعمل الآن على تطوير سياسات استثمارية جديدة تتوافق مع المتغيرات العالمية، خاصة بعد النجاح المدوي لاستحواذه على Electronic Arts في صفقة وصفها المحللون بأنها "ضربة استراتيجية في قلب صناعة الألعاب العالمية."
التأثير يتجاوز أروقة المال والأعمال ليصل إلى الحياة اليومية لملايين المواطنين والمقيمين. سارة الحربي، مديرة محفظة استثمارية، تشهد على الفرص الذهبية الناشئة: "إعادة التوجيه نحو التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي فتحت أمامنا آفاقاً لم نكن نحلم بها." المحللون يتوقعون تحسينات جذرية في:
- فرص العمل التقنية مع نمو متوقع 300% في الوظائف التخصصية
- الخدمات الرقمية التي ستصل لكل بيت سعودي بحلول 2026
- المشاريع الحضرية الذكية التي ستعيد تعريف مفهوم المدن المستقبلية
لكن عبدالله النصار، موظف في الصندوق، يحذر من التحديات: "الأجواء مليئة بالتحدي والطموح، لكن الضغط هائل لضمان نجاح كل قرار."
بينما تتأهب الأسواق العالمية لموجة جديدة من الاستثمارات السعودية المحسوبة بدقة، يبقى السؤال الأكبر: هل ستكون هذه المراجعة الاستراتيجية نقطة التحول التي تضع المملكة في مقدمة الاقتصادات الرقمية عالمياً، أم أننا أمام مجرد البداية لتحولات أكبر وأعمق تنتظرنا في الأشهر القادمة؟ الإجابة ستحدد مسار تريليونات الدولارات ومستقبل ملايين البشر.
