في مشهد خلاب لم تشهده منطقة حائل منذ سنوات، هطلت أمطار غزيرة حولت الصحراء الجافة إلى واحة خضراء نابضة بالحياة خلال ساعات قليلة، حيث تأثر أكثر من 20 مليون مواطن ومقيم عبر 13 منطقة سعودية بهذه النعمة السماوية. الأودية الجافة منذ سنوات تحولت إلى أنهار هادرة، والمركز الوطني للأرصاد يؤكد: "هذه أقوى حالة مطرية نشهدها هذا الموسم" مع تحذيرات عاجلة من استمرار الهطول وضرورة الاستعداد.
شوارع مدينة حائل ومحافظاتها شهدت مناظر استثنائية حيث تدفقت المياه بغزارة مصحوبة بأصوات الرعد والبرق، بينما يروي المهندس خالد الحائلي قصة نجاحه: "استثمرت في تجميع مياه الأمطار ووفرت آلاف الريالات من فواتير المياه". وفي المقابل، يعبر أبو محمد المزارع عن مخاوفه من السيول المفاجئة التي قد تهدد محصوله الموسمي، فيما تنتشر رائحة التراب المبلول عبر المنطقة معلنة عن تجدد الحياة.
هذه الأمطار الاستثنائية تذكرنا بأمطار عام 2018 التي أحيت الزراعة لأشهر طويلة، حيث تؤكد التقارير الرسمية أن المساحة الجغرافية المتأثرة تمتد لأكثر من 500 ألف كيلومتر مربع. الدكتور أحمد الأرصادي، خبير الطقس، يوضح: "هذه التقلبات الجوية الواسعة نتيجة تغيرات الضغط الجوي الموسمية، وهي بمثابة هدية نادرة لمنطقة معروفة بمناخها الصحراوي". المركز الوطني للأرصاد يتوقع امتداد الحالة المطرية لتشمل مناطق جازان وعسير والباحة مع احتمالية تكون الضباب.
بين أصوات الاحتفال وتعابير القلق، يعيش سكان المناطق المتأثرة لحظات متناقضة، حيث تحتفل فاطمة الحائلية قائلة: "رأيت الماء يملأ الشوارع في دقائق معدودة، منظر لم نعتده هنا". المزارعون يترقبون انتعاشاً زراعياً وانخفاضاً متوقعاً في أسعار المياه، بينما يتوخى السائقون الحذر الشديد من ضعف الرؤية والطرق المتضررة. هذه الفرصة الذهبية لتجميع المياه تتطلب تجنب الأودية والمناطق المنخفضة التي تشهد تدفقاً قوياً للسيول.
في ظل هذا التحول الجذري من الجفاف إلى الفيض، تبقى الأسئلة الكبرى معلقة: هل ستستمر هذه النعمة السماوية لتحقق الأمن المائي المنشود؟ وهل نحن مستعدون فعلاً لاستقبال المزيد من هدايا السماء؟ الوقت الآن للاستعداد وتجميع المياه، فالمركز الوطني للأرصاد يؤكد أن المزيد من الأمطار في الطريق، وعلى الجميع اتخاذ الاحتياطات اللازمة للاستفادة من هذه البركة دون التعرض للمخاطر.
