في تطور صاعق هز أركان المجتمع التعليمي السعودي، عاش أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة ساعات من الأمل الكاذب بعد انتشار شائعات كالنار في الهشيم حول تمديد إجازة الخريف من 9 إلى 18 يوماً، قبل أن تدق وزارة التعليم ناقوس الحقيقة بنفي قاطع وصادم. الصدمة لا تزال تتردد في البيوت السعودية، حيث كشفت الأرقام الرسمية أن 100% من هذه الشائعات كانت خاطئة تماماً، تاركة آلاف العائلات في حالة من الحيرة بعد إعادة ترتيب خططهم كاملة.
"شاهدت الحماس يتحول إلى خيبة أمل خلال دقائق معدودة"، هكذا وصف أحمد المطيري، ولي أمر لثلاثة أطفال من الرياض، اللحظة التي تلقى فيها النفي الرسمي بعد أن أنهى ترتيبات رحلة عائلية إضافية. المشهد المؤثر تكرر في أحياء المملكة كافة، حيث تحولت أصوات الأطفال المحتفلة إلى تساؤلات محيرة. منيرة عبدالله، أم لخمسة أطفال، تروي: "عشت ساعات من الترقب والحيرة، كنت أتابع هاتفي كل دقيقة بحثاً عن تأكيد رسمي". الأرقام تكشف حجم الكارثة: إجازة من 21 إلى 29 نوفمبر فقط، بواقع 9 أيام لا غير، بينما تسببت الشائعة في توقعات مضاعفة تماماً.
وراء هذا الإعصار الإعلامي تقف رغبة إنسانية طبيعية للطلاب في الحصول على راحة أطول، خاصة مع نجاح النظام التعليمي الجديد ذي الثلاثة فصول في توزيع الإجازات بانتظام مدروس. د. محمد العتيبي، الخبير التعليمي البارز، يضع الحدث في سياقه التاريخي: "شهدنا في الثمانينات حوادث مشابهة مع شائعات إلغاء الامتحانات، لكن سرعة الانتشار اليوم مضاعفة بفضل وسائل التواصل". التقويم الدراسي للعام 1447 يكشف خطة محكمة ومتوازنة: 11 يوماً دراسياً فقط في شهر رمضان، مما يؤكد دقة التخطيط الوزاري وعدم وجود مساحة لتعديلات عشوائية.
في أروقة مدرسة ابتدائية بجدة، وصفت فاطمة السعيد، المعلمة ذات الخبرة العشرين عاماً، المشهد الدرامي الذي عاشته: "رأيت الأمهات يتجمعن أمام البوابة كخلية نحل منشغلة، أصوات النقاشات الحماسية تختلط بأصوات رنين الهواتف المتواصل". التأثير وصل للطلاب مباشرة، فسارة أحمد، طالبة الثانوية النجيبة، تعترف بصراحة: "عشت في حلم جميل لساعات، كنت أخطط لأنشطة إضافية ولقاءات الأصدقاء، ثم جاءت الصدمة". يوسف المالكي، مدير مدرسة متوسطة، يظهر كبطل حقيقي في القصة: "رفضت نشر الخبر رغم إلحاح المعلمين، وأصررت على انتظار البيان الرسمي".
مع انتهاء الفصل الأول من هذه الدراما الاجتماعية، تبرز دروس قيمة للمجتمع السعودي: ضرورة التحقق من القنوات الرسمية قبل البناء على أي معلومة. وزارة التعليم أكدت أن أي تعديل على التقويم الدراسي سيكون له إعلان رسمي واضح عبر قنواتها المعتمدة. التجربة تفتح آفاقاً لتطوير آليات تواصل أكثر فعالية وتعزيز الوعي الإعلامي. هل ستصبح هذه الحادثة نقطة تحول في تعامل المجتمع السعودي مع المعلومات المنتشرة عبر الشبكات، أم أنها مجرد عاصفة في فنجان ستتكرر مع الشائعة القادمة؟