في تطور عاجل يهز الأوساط المالية المصرية، تشهد البنوك الحكومية آخر ساعات تقديم عوائد استثنائية تصل إلى 23% سنوياً على شهادات الادخار، وسط ترقب محموم لقرار البنك المركزي الحاسم اليوم. هذه العوائد المذهلة - التي تفوق المعدلات العالمية بـ 15 ضعفاً - قد تصبح مجرد ذكرى خلال ساعات قليلة، في وقت يشهد فيه التضخم ارتفاعاً مقلقاً لأول مرة منذ 4 أشهر.
تستعد اللجنة النقدية للبنك المركزي لاتخاذ قرار مصيري في اجتماعها السابع هذا العام، وسط انقسام حاد بين الخبراء المصرفيين حول مصير أسعار الفائدة. فبينما يحذر بعض المحللين من مخاطر التضخم المتصاعد الذي قفز إلى 12.5% مقابل 11.7% في الشهر السابق، يطالب آخرون بمواصلة دعم النمو الاقتصادي. "نقف على مفترق طرق تاريخي"، يعلق أحد كبار المصرفيين، "القرار اليوم سيحدد مصير مليارات الجنيهات من مدخرات المواطنين".
خلال العام الجاري، نجح البنك المركزي في تخفيض أسعار الفائدة لأول مرة منذ 4 سنوات ونصف، بإجمالي 625 نقطة أساس على أربع مراحل، مما يعادل انخفاضاً قدره 6.25%. هذا التخفيف التدريجي جاء بعد رحلة شاقة من أعلى معدلات فائدة في تاريخ مصر الحديث، والتي وصلت إلى مستويات قياسية تجاوزت 27% في ذروة الأزمة الاقتصادية. المقارنة مع الأزمة المالية العالمية تكشف أن مصر تسير على نهج مشابه لما حدث عام 2016، عندما شهدت البلاد تحولات جذرية في السياسة النقدية.
بالنسبة للمواطن المصري العادي، تمثل هذه اللحظات فرصة استثمارية قد لا تتكرر قريباً. أحمد محمود، موظف في الخمسينيات من عمره، يروي تجربته: "وضعت مدخرات 15 عاماً في شهادة الـ23%، والعائد الشهري أصبح يغطي ثلث احتياجاتي المعيشية". لكن الخبراء يحذرون من أن هذه العوائد المرتفعة قد تكون سيف ذو حدين، خاصة مع تصاعد الضغوط التضخمية. التحدي الحقيقي يكمن في التوازن بين اغتنام الفرصة الذهبية الحالية وتجنب مخاطر التقلبات المستقبلية.
مع اقتراب موعد الإعلان، يبقى السؤال المحوري: هل ستكون هذه آخر فرصة للحصول على عوائد تاريخية، أم أن الأسوأ لم يأت بعد؟ الساعات القادمة ستحمل الإجابة التي ينتظرها ملايين المصريين، والتي قد تعيد تشكيل خريطة الاستثمار في البلاد. الوقت ينفد... والقرار بين يديك الآن.