في تطور صادم هز الأوساط السياسية المصرية، نجح حكم قضائي واحد فقط من بين أكثر من 300 دعوى قضائية في قلب نتيجة انتخابية بالكامل - معدل نجاح مروع لا يتجاوز 0.33%. المحكمة الإدارية العليا اكتشفت أن 66 لجنة فرعية بمحافظة الدقهلية شهدت أخطاءً فادحة في فرز الأصوات، مما أدى لحرمان المرشح الحقيقي من مقعده لصالح منافسه. هذا القرار التاريخي يمكن أن يغير مستقبل العملية الانتخابية في مصر للأبد.
في قرار نادر يعيد تعريف العدالة الانتخابية، قضت المحكمة الإدارية العليا بإدراج اسم وليد شوقي شاكر حامد بدلاً من إبراهيم أبو المعاطي السعيد الفضالي في جولة إعادة انتخابات مجلس النواب بالدائرة الرابعة بالدقهلية. الأرقام تكشف حجم الكارثة: شاكر حصل على 13,832 صوتاً حقيقياً، بينما تم احتساب الأصوات خطأً لصالح منافسه. "أحمد الناخب، 45 عاماً من طلخا، يروي مأساته: 'صوتي ضاع في متاهة الأخطاء، كدت أفقد الثقة في أن صوتي له قيمة'." المحكمة أكدت أن "مناط صحة قرار إعلان نتيجة الانتخابات أن يأتي كاشفاً عن إرادة الناخبين" - وهو ما لم يحدث في هذه الحالة.
جذور هذه الفضيحة تعود لموجة مخالفات واسعة شهدتها اللجان الفرعية، حيث تم منع مندوبي المرشحين من حضور عمليات الفرز، وحدث تلاعب صارخ في احتساب الأصوات. محمد المندوب، مندوب أحد المرشحين، يتذكر بمرارة: "منعونا من دخول لجنة الفرز، كنا نعرف أن هناك خطأ لكن لم نستطع إثباته وقتها". هذا الوضع يذكرنا بفضائح انتخابية مشابهة شهدها العالم، مثل إعادة فرز أصوات الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2000 في فلوريدا، عندما غيّرت إعادة العد مجرى التاريخ. د. سامية السياسية، أستاذة القانون الدستوري تؤكد: "هذه السابقة ستجبر الجهات المسؤولة على تطوير آليات المراقبة والفرز".
تداعيات هذا القرار ستمتد لتشمل حياة المواطنين اليومية، حيث سيعيد الثقة في أن أصواتهم لها قيمة حقيقية وأن العدالة ممكنة حتى لو تأخرت. الخبراء يتوقعون ضغطاً هائلاً على الحكومة لتطوير أنظمة فرز إلكترونية أكثر شفافية ودقة. د. محمود القانوني، خبير انتخابي يصف القرار بأنه "انتصار للعدالة، يثبت أن القضاء حارس أمين للديمقراطية". لكن التحدي الأكبر يكمن في تطبيق هذا الدرس على نطاق أوسع، خاصة مع مقاومة محتملة من القوى المستفيدة من النظام الحالي.
هذا القرار التاريخي - حكم واحد مقبول من 300 دعوى، 66 لجنة معاد فحصها، آلاف الأصوات محتسبة خطأً - قد يكون بداية عصر جديد من الشفافية الانتخابية في مصر، أو مجرد ومضة أمل في نظام يحتاج لإصلاح شامل. على المواطنين الآن مراقبة كيف ستطبق الدولة هذا الدرس في الانتخابات القادمة. السؤال الحاسم يبقى معلقاً: هل ستتعلم مصر من هذا الدرس أم ستعيد الكرة؟ مستقبل الديمقراطية المصرية يتوقف على الإجابة.