بعد انهيار دام 10 سنوات أطاح بـ 400% من قيمته، يتنفس الريال اليمني أخيراً في عدن والمحافظات المحررة. لأول مرة منذ 2015، تستقر العملة اليمنية لأكثر من أسبوع متتالي، في تطور مذهل وسط أزمة اقتصادية خانقة تضرب 23 مليون يمني. الخبراء يحذرون: هذا الاستقرار قد يكون الفرصة الأخيرة لإنقاذ اقتصاد كامل من الانهيار التام.
في مشهد لم تشهده محلات الصرافة منذ سنوات، توقفت أصوات آلات عد النقود المحمومة ليحل محلها هدوء حذر. أحمد محمد، تاجر في عدن خسر 70% من قيمة مدخراته، يروي: "شعرت وكأن قلبي توقف عن الخفقان عندما رأيت السعر ثابتاً لثلاثة أيام متتالية." البنك المركزي أعلن نجاحه في وقف النزيف المالي مؤقتاً، بينما تؤكد د. فاطمة الصالحي، الخبيرة الاقتصادية: "نجحنا في إيقاف الانهيار، لكن المعركة الحقيقية تبدأ الآن."
خلف هذا الاستقرار المؤقت تقف جهود محمومة استمرت شهوراً. المجموعة الرباعية الدولية - الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات - تحركت بكثافة غير مسبوقة مع مجلس القيادة الرئاسي. مقارنة بأزمة 2018 عندما انهارت العملة بنسبة 200% خلال شهرين فقط، يبدو الوضع اليوم مثل "مريض في العناية المركزة بدأ يتنفس بانتظام" كما وصفه د. عبدالله النهاري، المحلل الاقتصادي. التحدي الأكبر: الحفاظ على هذا الاستقرار الهش وسط توترات سياسية متفجرة.
في أسواق عدن، لمست مريم أحمد، ربة منزل، الفرق للمرة الأولى منذ سنوات: "اشتريت الخضار بنفس السعر لثلاثة أيام متتالية، كان شعوراً لا يُوصف." نقابة الصرافين الجنوبيين تطالب البنك الدولي بتدخل عاجل لضمان استمرارية هذا التحسن. السيناريو الأكثر احتمالاً يشير إلى استقرار نسبي مع تقلبات محدودة، لكن الخبراء يحذرون: أي انتكاسة في المفاوضات السياسية قد تُعيد العملة إلى دوامة الانهيار المدمرة.
استقرار الريال اليمني اليوم يمثل مفترق طرق حاسم لاقتصاد أنهكته سنوات الحرب. مع جهود السلام الدولية المكثفة ودعم البنك المركزي، تلوح في الأفق بارقة أمل حقيقية للملايين. لكن السؤال المحوري يبقى: هل سيصمد هذا الاستقرار الهش أم أنها مجرد هدنة قبل عاصفة اقتصادية جديدة؟