في تطور صادم يضع الأسر اليمنية أمام خيارات مأساوية، ارتفعت أسعار البيض في عدن بشكل جنوني خلال 48 ساعة فقط، لتصل إلى 6000 ريال للطبق الواحد - ما يعادل راتب يوم كامل لعامل يمني بسيط. هذا الارتفاع الصاروخي بنسبة 33% حول وجبة الفقراء إلى ترف الأغنياء، وترك آلاف الأمهات في عدن يواجهن السؤال المرعب: هل نطعم أطفالنا أم ندخر للغد؟
أم فاطمة من كريتر تقف أمام محل البقالة وهي تحسب النقود في يدها للمرة العاشرة، تقول بصوت مرتجف: "كنت أشتري طبق البيض كل يومين لأطفالي الثلاثة، الآن صرت أشتريه مرة واحدة في الأسبوع". هذا المشهد المؤلم يتكرر في كل حي من أحياء عدن، حيث تجار الجملة رفعوا السعر إلى 5300 ريال ليصل للمستهلك بـ6000 ريال، محققين هامش ربح خيالي قدره 700 ريال على كل طبق - أرباح تُحصد من جوع الأطفال ودموع الأمهات.
ليست هذه المرة الأولى التي يحدث فيها هذا التلاعب الوقح. في كل شتاء، يكرر نفس التجار نفس الأسطوانة المشروخة: "البرد قتل الدجاج"، بينما الحقيقة المرة أن غياب أي رقابة حكومية فعالة يترك السوق نهباً للمحتكرين والجشعين. خالد المقطري من المعلا يروي: "شفت التاجر يرفع السعر قدام عيني من 4500 إلى 6000 ريال في نفس اليوم، وعندما احتججت قال لي: اشتري من مكان تاني!" هذه الوقاحة تتكرر في ظل صمت مطبق من الجهات المسؤولة.
الكارثة الحقيقية تحدث الآن في بيوت عدن، حيث أم سالم من المنصورة تعترف بألم: "كنت أعمل عجة البيض لأولادي كل صباح، الآن صاروا يفطرون خبز وشاي فقط". هذا التراجع الخطير في التغذية، خاصة للأطفال والحوامل الذين يحتاجون البروتين، ينذر بكارثة صحية قادمة. الدكتور محمد العدني، خبير اقتصادي، يحذر: "غياب الرقابة الحكومية يجعل اليمن بيئة خصبة لتجار الأزمات، والخطر الأكبر أن ينتشر هذا النمط لسلع أخرى كالأرز والزيت".
بين الجشع والصمت الحكومي، يقف الشعب اليمني عارياً أمام عاصفة الغلاء التي تلتهم قوت الأطفال. السؤال الذي يحرق الضمائر اليوم: متى ستتحرك الحكومة لحماية شعبها؟ أم ستنتظر حتى ينزل الناس للشوارع جوعاً، وحتى يصبح البيض أغلى من الذهب في بلد يموت أطفاله من سوء التغذية؟
