في لحظة انفراج طال انتظارها، ينهي آلاف المعلمين في محافظة عدن معاناة استمرت 90 يوماً من الترقب والقلق، حيث أعلن بنك عدن الإسلامي للتمويل الأصغر رسمياً عن بدء صرف مرتباتهم لشهر أغسطس 2025. هذا التأخير الذي يفوق ثلاثة أضعاف المدة الطبيعية يحكي قصة مؤلمة عن واقع التعليم في اليمن، حيث تحول انتظار الراتب إلى رحلة عذاب شهرية لعشرات الآلاف من الأسر.
وسط طوابير طويلة تمتد أمام فروع البنك تحت أشعة الشمس الحارقة، تروي أم محمد، معلمة ابتدائي وأم لأربعة أطفال، لحظات الانتظار المرير: "كنا نعيش على الأمل فقط، أطفالي يسألونني متى سأشتري لهم الكتب، والإيجار يتراكم شهراً بعد شهر." البنك من جهته وضع خطة شاملة للصرف عبر فروعه المختلفة وشبكة وكلاء "عدن حوالة" المنتشرين في عموم المحافظات، مع توفير خط ساخن مجاني على الرقم 8000010 للرد على استفسارات المعلمين.
هذا التأخير الشديد في الرواتب ليس حدثاً معزولاً، بل جزء من أزمة مالية مستمرة تضرب القطاع التعليمي منذ سنوات الحرب. د. عبدالله القدسي، الخبير الاقتصادي، يؤكد أن "تأخير رواتب المعلمين يشبه تماماً أيام الحصار الاقتصادي في التسعينيات، حين كانت الأسر تنتظر شهوراً للحصول على مستحقاتها." الأزمة الاقتصادية الحالية، ونقص السيولة في البنوك، وتحديات النقل المصرفي بين المحافظات، كلها عوامل تجعل من صرف الرواتب مهمة شبه مستحيلة تتطلب جهوداً استثنائية.
تتجاوز آثار هذا الحدث مجرد استلام المال، حيث تنعكس مباشرة على الحياة اليومية لآلاف الأسر التي ستتمكن أخيراً من شراء الطعام والدواء ودفع الإيجارات المتراكمة. فاطمة علي، الموظفة الإدارية في مكتب التربية، تصف اللحظة بقولها: "عندما سمعت الخبر، شعرت وكأن جبلاً سقط عن كتفي، أخيراً سأتمكن من النظر في عيون أطفالي دون خجل." لكن الخبراء يحذرون من أن هذه الانفراجة قد تكون مؤقتة، حيث تشير التوقعات إلى احتمالية
- تأخير رواتب الأشهر التالية بنفس الطريقة
- استمرار نقص السيولة في الخزينة العامة
- تراجع أعداد المعلمين بسبب البحث عن وظائف بديلة
بينما يتنفس المعلمون الصعداء اليوم، تبقى الحاجة ملحة لإيجاد حلول جذرية تضمن انتظام صرف الرواتب دون انتظار أو معاناة. أحمد الشامي، مدير فرع البنك، يؤكد التزام المؤسسة بخدمة المعلمين رغم التحديات، داعياً إياهم للاستفادة من جميع الخدمات المصرفية المتاحة وتجنب الازدحام عبر توزيع أوقات الاستلام. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: متى سينعم المعلمون اليمنيون براتب شهري منتظم دون انتظار ومعاناة، وهل ستجد الحكومة الحل الجذري لهذه الأزمة المستمرة؟