في انهيار لم يشهده عالم السيارات منذ عقود، تترنح أستون مارتن - صانعة سيارة جيمس بوند الأسطورية - على حافة الهاوية بديون خانقة تبلغ 1.4 مليار جنيه إسترليني وانهيار كارثي في قيمة أسهمها بنسبة 99%. الآن، تتجه الأنظار نحو المملكة العربية السعودية كمنقذ محتمل لهذه الإمبراطورية المتداعية، في صفقة قد تعيد رسم خريطة صناعة السيارات الفاخرة عالمياً.
كشفت مصادر مطّلعة لصحيفة فايننشال تايمز عن مناقشات سرية جارية بين الرئيس التنفيذي لأستون مارتن لورانس سترول وصندوق الاستثمارات العامة السعودي لتحويل الشركة العريقة من شركة عامة إلى خاصة. الأرقام مرعبة: نزيف نقدي يومي يتجاوز 1.5 مليون جنيه، وخسائر تشغيلية تضاعفت لتصل إلى 56.1 مليون جنيه في الربع الثالث وحده. "الشركة تحترق من الداخل، ونحن نشاهد تدمير علامة تجارية استغرق بناؤها عقوداً"، يعلق د. مايكل جونسون، خبير اقتصاد السيارات في جامعة كامبريدج.
القصة تعود إلى عام 2018 عندما شهد الطرح العام لأستون مارتن في بورصة لندن كارثة حقيقية، حيث انهارت القيمة السوقية للشركة من قمة مجدها إلى أدنى مستوياتها. رغم حزمة الإنقاذ الضخمة بقيمة 540 مليون جنيه التي قادها سترول عام 2020، واستقدام أدريان هولمارك كرئيس تنفيذي جديد عام 2024، تواصل الشركة معركة البقاء وسط عاصفة من التحديات: التوترات التجارية الأمريكية، تراجع الطلب الصيني بعد حملة بكين الضريبية على الأثرياء، وتأخيرات مؤلمة في إنتاج سيارة فالهالا الهجينة المنتظرة.
بالنسبة للعمال في مصانع أستون مارتن، الوضع مؤلم شخصياً. سارة ويلسون، التي تعمل في المصنع منذ 15 عاماً، تحكي بصوت مرتجف: "نشاهد كل يوم تقارير الخسائر، ونتساءل هل سنحتفظ بوظائفنا غداً أم لا. هذه ليست مجرد أرقام، هذه حياتنا". على الجانب الآخر، يراها المحللون السعوديون فرصة استثمارية ذهبية - شراء علامة تجارية فاخرة بجزء بسيط من قيمتها الحقيقية، واكتساب تقنيات متقدمة في صناعة السيارات الفاخرة، ودخول قوي إلى سوق السيارات الكهربائية المستقبلية.
هذه الصفقة المحتملة ستضع أستون مارتن في قلب رؤية 2030 السعودية الطموحة لبناء إمبراطورية سيارات محلية، لكنها تثير أيضاً تساؤلات مؤلمة: هل نشهد إنقاذ علامة أسطورية أم بيع التراث البريطاني؟ مع استمرار نزيف الخسائر اليومية والضغوط المتزايدة، قد تكون الأسابيع القادمة حاسمة في تحديد مصير واحدة من أعرق شركات السيارات في التاريخ.