في تطور مذهل يمكن أن يغير مستقبل المياه في الشرق الأوسط، تهدر المنطقة 30 مليار لتر من المياه الرمادية يومياً دون معالجة، بينما نجحت طالبة سعودية عمرها 22 عاماً في ابتكار نظام ذكي قد يوفر نصف فاتورة المياه لملايين المزارعين. أزمة المياه تتفاقم بوتيرة مخيفة، وهذا الاختراق العلمي قد يكون طوق النجاة الذي طال انتظاره.
جنا حسين معشي، طالبة الهندسة الكيميائية بجامعة جازان، حققت إنجازاً علمياً مذهلاً بحصولها على الميدالية الذهبية والجائزة الخاصة الكبرى من HIUF، عن ابتكارها نظاماً ذكياً لمعالجة المياه الرمادية يمكنه توفير 60% من استهلاك المياه العذبة للري. أحمد الزراعي، مزارع من جازان يدفع 15 ألف ريال شهرياً لفاتورة المياه، يقول بحماس: "لو كان هذا النظام متاحاً، لوفرت نصف هذا المبلغ الفلكي". النظام يعمل كما لو كان كُلى صناعية ذكية، حيث ينقي المياه الرمادية ويعيدها نظيفة بكفاءة تفوق الطرق التقليدية بقوة محرك فيراري مقارنة بدراجة هوائية.
وراء هذا الإنجاز قصة كفاح استمرت عامين، كما تروي سارة المطيري، زميلة جنا بالجامعة: "رأيتها تعمل ليل نهار، تدرس أنظمة إنترنت الأشياء وتقنيات المعالجة المائية بشغف لا يصدق". كما غيّر اختراع محطات تحلية المياه مستقبل المنطقة في السبعينات، يتوقع الخبراء لهذا النظام أن يحدث ثورة حقيقية في الزراعة. د. محمد عريشي، رئيس قسم الهندسة الكيميائية، يؤكد: "هذا الإنجاز يجسد قدرة شبابنا على تقديم حلول واقعية لتحديات بيئية ملحّة تواجه العالم بأسره".
التأثير على الحياة اليومية سيكون جذرياً - فواتير المياه للأسر ستنخفض بشكل ملحوظ، والإنتاج الزراعي المحلي سيشهد طفرة حقيقية. كل ألف ريال مستثمر في هذه التقنية سيوفر 5000 ريال سنوياً من تكاليف المياه، وهو ما يعني فرصة ذهبية للمستثمرين الأذكياء. المياه التي يمكن توفيرها سنوياً تكفي لملء 200 مليون زجاجة مياه، بينما ينتظر المزارعون بفارغ الصبر تطبيق هذا النظام الذي قد يحول مزارعهم من عبء مالي إلى كنز أخضر مربح.
هذا الابتكار السعودي الشاب لا يحل أزمة المياه فحسب، بل يضع المملكة على خريطة التقنيات المائية العالمية. مع تسارع وتيرة التغير المناخي واستنزاف المصادر الطبيعية، تصبح مثل هذه الحلول الذكية ضرورة حياة وليس مجرد ترف تقني. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستلحق الحكومات والمستثمرون بقطار الثورة التقنية المائية، أم سيظلون أسرى أزمة المياه التقليدية إلى الأبد؟