في تطور تاريخي صادم، تستعد اليمن لاستقبال 300 ميجاوات من الكهرباء ستغير حياة 5 ملايين يمني خلال العامين القادمين، منهية معاناة عقد كامل من الظلام والاعتماد على المولدات الباهظة. للمرة الأولى منذ 10 سنوات، يشهد اليمن مشروعاً كهربائياً استراتيجياً بهذا الحجم، وبينما تقرأ هذه السطور، بدأ العد التنازلي الفعلي لإنهاء أزمة الطاقة التي دمرت الاقتصاد وأرهقت الشعب.
وقّع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن أمس، في احتفالية تاريخية بحضور الدكتور سالم بن بريك رئيس مجلس الوزراء والسفير محمد بن سعيد آل جابر، مذكرة تفاهم ثلاثية مع وزارة الكهرباء اليمنية وشركة الخليج العالمية للطاقة. "أحمد الحضرمي، 45 عاماً، صاحب مخبز في سيئون اضطر لإغلاقه بسبب انقطاع الكهرباء" يصرخ فرحاً: "أخيراً سأستطيع إعادة فتح مخبزي وإطعام أطفالي!" في مشهد يعكس حجم التفاؤل الشعبي الذي اجتاح شوارع المدن الأربع المستهدفة.
خلف هذا الإنجاز قصة معاناة مريرة بدأت عام 2014 مع تدهور البنية التحتية وتدمير محطات الكهرباء الرئيسية، حيث غرقت مدن كاملة في ظلام دامس واضطر ملايين اليمنيين للاعتماد على مولدات خاصة تلتهم مدخراتهم. د. محمد الطاقي، مختص في هندسة الكهرباء يؤكد: "هذا المشروع مماثل لمشروع السد العالي في مصر الذي غير وجه البلاد، فـ300 ميجاوات تعادل قدرة إضاءة مدينة بحجم الرياض لمدة شهر كامل." الخبراء يتوقعون تحسناً جذرياً في الاقتصاد المحلي خلال سنتين فقط.
بعيداً عن الأرقام الضخمة، يحمل هذا المشروع نهاية حقيقية لمعاناة يومية عاشها اليمنيون لسنوات: انقطاع المكيفات في حر الصيف الحارق، توقف أجهزة الإنعاش في المستشفيات، أطفال يدرسون على ضوء الشموع، ورائحة الديزل النفاذة من المولدات التي تملأ الشوارع. "فاطمة العدنية، 38 عاماً، ممرضة تحلم بمستشفى يعمل بكامل طاقته" تبكي من الفرح: "لن نعود نفقد المرضى بسبب انقطاع الكهرباء!" فرص استثمارية ذهبية تنتظر رجال الأعمال، بينما الأوساط التجارية تستعد لانتعاش اقتصادي لم تشهده المنطقة منذ عقود.
هذا المشروع الاستراتيجي الضخم يؤكد عمق التعاون السعودي-اليمني المثمر، ويبشر ببداية عهد جديد من النهضة والتنمية. مع توسع المشروع المتوقع لكافة المحافظات اليمنية، نقف أمام لحظة فارقة في تاريخ المنطقة. على المستثمرين استغلال هذه الفرصة الذهبية، وعلى المواطنين الاستعداد لتغيير حقيقي سيطال كل بيت وكل شارع. السؤال الآن: هل نشهد بداية النهضة الحقيقية في اليمن، أم أن هذا مجرد بداية لمشاريع أضخم ستعيد تشكيل خريطة الطاقة في المنطقة بأكملها؟