في لحظة نادرة وسط الكارثة الاقتصادية التي تعصف باليمن، سجل الريال اليمني تحسناً طفيفاً لكن مهماً مساء اليوم، حيث انخفض سعر الدولار إلى 535 ريالاً بعد أن كان يحوم حول 537 ريالاً. رقم قد يبدو بسيطاً، لكنه يعني الكثير لـملايين اليمنيين الذين يحسبون كل ريال في صراعهم اليومي من أجل البقاء.
أم محمد، ربة بيت من صنعاء، تراقب أسعار الصرف كل يوم كما يراقب الآخرون نشرة الأخبار. "كل ريالين توفير يعني زجاجة دواء إضافية لطفلي المريض"، تقول بصوت مرتجف وعيون دامعة. وبينما يحتفل البعض بهذا "الانتصار" الصغير، يحذر أحمد الصراف من محل صرافة وسط صنعاء: "الفرحة مبكرة، السوق لا يزال غير مستقر والتقلبات متوقعة". الأرقام تحكي قصة مأساة: 535 ريالاً للدولار الواحد، مقارنة بـ215 ريالاً قبل الحرب - انهيار يفوق 150%.
هذا التحسن الطفيف يأتي في سياق انهيار اقتصادي مدمر منذ 2015، حين تحول اليمن من بلد متوسط الدخل إلى أفقر دولة في المنطقة. العوامل وراء هذا الاستقرار المؤقت تشمل تدخلاً محتملاً من البنك المركزي وتحسناً في السيولة، لكن الخبراء يؤكدون أن الأسباب الجذرية للأزمة - الحرب والانقسام السياسي - لا تزال قائمة. مقارنة بأزمات مشابهة في المنطقة، كالليرة اللبنانية أو الدينار العراقي، الوضع اليمني يبدو الأكثر تعقيداً وخطورة.
على أرض الواقع، هذا التحسن البسيط يعني الفرق بين وجبة أو دواء لملايين الأسر اليمنية. محمد المغترب في السعودية يرسل 500 دولار شهرياً لأسرته، والآن سيحصلون على 1000 ريال إضافية - مبلغ قد يشتري لهم كيس أرز أو علبة دواء. لكن التجار يحذرون من عدم استدامة هذا التحسن دون إصلاحات جذرية وحل سياسي شامل. السيناريوهات المحتملة تتراوح بين استقرار نسبي حول 530-540 ريال، أو انهيار مفاجئ قد يصل بالدولار إلى 600 ريال أو أكثر.
الريال اليمني اليوم كمريض في العناية المركزة - كل علامة تحسن مهما كانت صغيرة تبث الأمل، لكن الخطر محدق والحاجة للعلاج الجذري ماسة. على المواطنين الاستفادة من هذا الاستقرار المؤقت لشراء الضروريات دون المغامرة بمبالغ كبيرة، وعلى الحكومة والمجتمع الدولي اتخاذ خطوات جدية لإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد اليمني. السؤال الكبير يبقى: هل هذا بداية تعافٍ حقيقي أم مجرد هدوء ما قبل العاصفة؟