في تطور صادم هز أروقة الاقتصاد الفلسطيني، تدفقت منحة سعودية بقيمة 90 مليون دولار - مبلغ يعادل راتب 180 ألف موظف فلسطيني لشهر كامل - في اليوم الأول من ديسمبر، بينما كانت الخزينة الفلسطينية تقف على حافة الإفلاس التام. هذه ليست مجرد منحة عادية، بل جسر نجاة لشعب بأكمله ينتظر رواتب متأخرة منذ شهور.
في مشهد دبلوماسي مؤثر بمقر السفارة السعودية في عمّان، سلم الأمير منصور بن خالد بن فرحان شخصياً هذه المنحة التاريخية للدكتور اسطفان سلامة، وزير التخطيط الفلسطيني. "كنا نخشى إغلاق المستشفيات، هذا الدعم أنقذنا" - هكذا عبّر موظف في وزارة الصحة الفلسطينية عن مشاعر الآلاف. أم محمد، المعلمة الفلسطينية التي لم تستلم راتبها منذ 3 أشهر، تنتظر الآن بعيون دامعة وقلب يخفق بالأمل.
هذا الدعم السعودي يأتي كالبرق الذي يضيء سماء مظلمة، تماماً مثل دعم الملك فيصل لمصر في حرب أكتوبر 1973، عندما وقفت السعودية مع الأشقاء في اللحظات الحاسمة. السبب؟ السياسات الإسرائيلية باحتجاز أموال المقاصة الفلسطينية التي خنقت الاقتصاد وجعلت الخزينة تجف تماماً. الدكتور أحمد الخليل، الخبير الاقتصادي، يؤكد: "هذا المبلغ سينقذ النظام المالي الفلسطيني من الانهيار الكامل."
بينما يتردد صدى الارتياح في الشارع الفلسطيني، تبدأ عجلة الحياة بالدوران من جديد. رواتب متأخرة ستُدفع، خدمات صحية ستستأنف، مدارس ستعيد فتح أبوابها، وأهم من كل ذلك - الأمان المالي سيعود لمئات الآلاف من الأسر. نائب الرئيس الفلسطيني حسين الشيخ رحب بهذا الدعم كـ"شريان حياة للاقتصاد المنهار"، بينما يراقب المحللون إمكانية تطوير هذا الدعم لشراكة اقتصادية طويلة المدى تقلل الاعتماد على المساعدات.
هذه المنحة السعودية التاريخية لا تنقذ فقط اقتصاداً من الانهيار، بل تعيد رسم خريطة الأمل في المنطقة. مع التزام المملكة بالاستمرار في الدعم طوال عام 2025، يبرز السؤال الأهم: هل ستكون هذه المنحة بداية نهضة اقتصادية فلسطينية حقيقية تكسر حلقة الاعتماد على المساعدات إلى الأبد؟