15 مليار دولار... هذا ما خسرته العلاقات اللبنانية السعودية خلال سنوات التوتر، لكن في تطور مفصلي قد يغير مستقبل لبنان الاقتصادي، كسر وزير الداخلية اللبناني أحمد الحجار الصمت الذي دام ثلاث سنوات. في تصريح تاريخي لقناة "الحدث"، أعلن بوضوح: "السعودية مرحب بهم في لبنان ولا مخاوف لدينا"، مؤكداً وجود إرادة حقيقية لتعزيز العلاقات مع المملكة.
هذا التصريح الجريء يأتي وسط ترقب إقليمي هائل، حيث تشير الأرقام إلى انخفاض بنسبة 80% في الاستثمارات السعودية بلبنان منذ بداية الأزمة. خالد العبدالله، رجل أعمال سعودي يبلغ من العمر 45 عاماً، توقف عن الاستثمار في العقارات اللبنانية منذ ثلاث سنوات، يقول: "كنت أنتظر إشارة كهذه، لكن الأفعال أهم من الكلمات." بينما يؤكد الحجار أن أكثر من 300 ألف عامل لبناني كانوا يعتمدون على السوق السعودي قبل التوتر، والآن يحلمون بالعودة.
جذور هذا التوتر تمتد لأزمة 2021 المدوية، عندما استُدعي السفراء الخليجيون ومُنعت الواردات اللبنانية من دخول السعودية. الأسباب كانت واضحة: النفوذ الإيراني المتزايد وهيمنة حزب الله على القرار السياسي اللبناني. د. سمير نصار، خبير العلاقات الخليجية، يحلل: "هذا التصريح خطوة إيجابية، لكن التنفيذ هو المحك الحقيقي." المقارنة مؤلمة - العلاقات السياسية كالصداقة، تحتاج لأفعال وليس كلمات فقط، والاستثمارات السعودية التي كانت تساوي حجم ميزانية وزارتين لبنانيتين باتت ذكرى.
في الشارع اللبناني، تختلط مشاعر الأمل بالحذر. فاطمة أحمد، ربة منزل، تعبر عن تفاؤلها: "نتمنى عودة السياح السعوديين لأن هذا سيحرك الاقتصاد الراكد." بينما محمد حسن، المهندس الذي اضطر للعودة من الرياض وفقد وظيفته، يقول بحذر: "أريد أن أرى خطوات ملموسة، فقد خسرت كل شيء." الفرص متاحة للجميع - عودة الاستثمارات، تحسن السياحة، شراكات اقتصادية جديدة - لكن التحديات لا تقل خطورة: إقناع الجانب السعودي بالجدية والتعامل مع الضغوط الإقليمية.
التصريحات تنتشر بسرعة البرق، لكن الثقة تُبنى ببطء السلحفاة. هذا التطور يفتح نافذة أمل للشعب اللبناني المنهك اقتصادياً، لكن النجاح يتطلب ترجمة الأقوال إلى أفعال ملموسة على الأرض. السؤال المصيري الآن: هل ستكون هذه بداية فصل جديد في العلاقات اللبنانية-السعودية أم مجرد كلمات في مهب الريح؟