في إنجاز تاريخي هز أوساط قطاع الحج والعمرة، حقّقت وزارة الداخلية السعودية انتصاراً مدوياً بحصولها على جائزة أفضل جناح وتفاعل ومشاركة في مؤتمر ومعرض الحج 2025. هذا الإنجاز الذي تحقق خلال 4 أيام فقط، يُعيد تعريف مفهوم إدارة أكبر تجمع بشري سنوي على وجه الأرض - حيث يلتقي أكثر من مليوني مسلم من كل قارات العالم في رحلة روحانية واحدة.
شهد الجناح المُتوّج إقبالاً منقطع النظير من الزوار والوفود الرسمية، الذين انبهروا بالتقنيات الثورية المعروضة. "لم أتخيل أن الذكاء الاصطناعي يمكنه إدارة حشود بهذا الحجم الهائل"، هكذا عبّرت فاطمة الإندونيسية، إحدى زائرات الجناح، وهي تتأمل الشاشات التفاعلية التي تحاكي رحلة الحاج الكاملة. قدّم الجناح نموذجاً مبتكراً يتتبع رحلة الحاج منذ لحظة وصوله للمملكة وحتى مغادرته، في مشهد بصري خلاب مدعوم بأحدث تقنيات الواقع المعزز وإدارة البيانات الفورية.
وخلف هذا النجاح الظاهر، تقف سنوات من التطوير والابتكار في إطار رؤية السعودية 2030 الطموحة. استعرضت الوزارة أنظمة تقنية متطورة تعتمد على الذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية لإدارة الحشود والمشاعر المقدسة، بينما سلّط الضوء على مبادرات رائدة مثل "طريق مكة" التي تمكّن الحجاج من إنهاء إجراءات الدخول قبل مغادرة بلدانهم. "استطعت إنهاء جميع الإجراءات في مطار القاهرة قبل السفر، وهو ما وفّر عليّ ساعات طويلة من الانتظار"، يروي أحمد المصري تجربته مع البرنامج الثوري.
هذا الإنجاز لا يقتصر على مجرد جائزة، بل يُمثل نقطة تحوّل حاسمة في تاريخ خدمة ضيوف الرحمن. التقنيات المطوّرة تستطيع الآن توقع أماكن الازدحام قبل حدوثها بـ 30 دقيقة، مما يعني تجنّب المشاكل قبل وقوعها. للحجاج المستقبليين، هذا يعني تجربة أكثر سلاسة وأماناً، بينما للمستثمرين في قطاع التكنولوجيا، يفتح آفاقاً واعدة لتطبيق هذه الحلول في قطاعات أخرى. حملة "لا حج بلا تصريح" التي برزت في الجناح تُجسد التزام المملكة برفع الوعي وضمان تجربة حج آمنة ومنظمة للجميع.
بينما تحتفل السعودية بهذا الإنجاز العالمي، تؤكد مكانتها كرائدة عالمية في تطوير تقنيات إدارة الحشود والفعاليات الكبرى. هذا التميز لا يقتصر على خدمة الحجاج فحسب، بل يضع المملكة في مقدمة الدول التي تستطيع إدارة التجمعات الضخمة بكفاءة عالية. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل نشهد ميلاد عصر جديد يُعيد تشكيل مستقبل إدارة أكبر التجمعات البشرية على الأرض؟
