في مشهد يبدو وكأنه من زمن آخر، عثر شقيقان من تيماء على 100 ألف ريال نقداً ملقاة في الصحراء، فقاما بشيء صدم المجتمع السعودي بأكمله. في عصر تسيطر عليه المادة وحب المال، رفض محمد وصياح العطوي أسهل ثروة قد تُعرض عليهما، وفضلا طريق الشرف الذي لا يسلكه إلا النادرون.
كانت الشمس تميل نحو المغيب عندما عاد الشقيقان من رحلة متابعة الإبل عبر أحد الطرق الصحراوية المهجورة، حيث لا توجد كاميرات مراقبة ولا شهود. فجأة، لمحا كيساً ملقى على جانب الطريق وسط الرمال. "عندما فتحناه اكتشفنا أنه يحتوي على مبلغ مالي كبير وأدوية"، يروي الشقيقان بصوت يرتجف من هول المفاجأة. المبلغ كان يقارب 100 ألف ريال - مبلغ يعادل راتب موظف متوسط لأربعة أشهر كاملة!
لم يتردد الأخوان للحظة واحدة. في موقف يختبر أعمق القناعات الإنسانية، اختارا الطريق الأصعب. فهذا المبلغ الضخم كان بإمكانه تغيير حياتهما تماماً، لكن تربيتهما على القيم الأصيلة وتعاليم الدين الإسلامي كانت أقوى من أي إغراء مادي. في منطقة تيماء، حيث تسود قيم البداوة الأصيلة، ما زالت كلمة "الأمانة" تحمل معنىً مقدساً يورث من جيل إلى جيل، تماماً كما فعل أجدادنا في عصر الرسالة.
وسط ضجيج الحياة العصرية وانشغال الناس بمشاكلهم اليومية، تأتي هذه القصة لتذكرنا بأن قلوب الخير ما زالت تنبض. تخيل لو كان هذا المال ملكك، وتخيل يأسك وأنت تبحث عنه في كل مكان! أبو خالد، الذي فقد هذا المبلغ مع أدوية زوجته الحيوية، عاد إليه أمله بالحياة بفضل ضميري هذين الشقيقين. "هذا السلوك يعكس عمق القيم الدينية المترسخة في مجتمعنا"، يؤكد د. عبدالله الحارثي أستاذ علم الاجتماع. الآن، ينتشر خبر الشقيقين كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل، ويعيد الثقة للمجتمع في زمن قل فيه الصادقون.
في نهاية هذه القصة المدهشة، نجد أنفسنا أمام سؤال محوري يجب أن يطرحه كل منا على نفسه: لو وجدت نفسك في نفس الموقف، هل ستملك الشجاعة لتسلك طريق الشرف؟ قصة الشقيقين من تيماء ليست مجرد خبر عابر، بل رسالة قوية تؤكد أن القيم الأصيلة ما زالت حية في قلوب أبناء هذا الوطن، وأن الأمانة كنز أثمن من كل ذهب الدنيا.