في تطور صادم هز المعادلات اليمنية إلى جذورها، انهار نفوذ حزب الإصلاح في آخر معاقله الشرقية خلال ساعات قليلة فقط، مسجلاً أكبر انهيار استراتيجي له منذ عقود. المنطقة العسكرية الأولى تنسحب بكاملها من حضرموت دون إطلاق رصاصة واحدة، في مشهد لم يشهده الصراع اليمني من قبل - استسلام كامل لاتفاق سري إماراتي-سعودي يعيد رسم خريطة النفوذ بالكامل. الساعات المقبلة تشهد تسليماً شاملاً لأكبر محافظات اليمن مساحة وأغناها بالنفط.
في لحظة تاريخية مذهلة، سيطرت قوات الانتقالي المدعومة إماراتياً على مطار سيئون والقصر الجمهوري ومقر المنطقة العسكرية الأولى، بينما تتأهب قوات "درع الوطن" السعودية لاستلام السيطرة الكاملة. "لم يكن لهذا التحول أن يحدث بهذه السهولة لولا وجود تفاهمات مسبقة بين السعودية والإمارات"، اعترف القاضي، المتحدث باسم الإصلاح، بمرارة واضحة. أبو محمد الحضرمي، مقاتل في المنطقة العسكرية الأولى، يروي بصوت مهزوز: "فوجئنا بأوامر الانسحاب فجأة بعد سنوات من القتال - شعرنا بالخيانة من الداخل قبل الخارج." الأرقام صادمة: انسحاب كامل بالأسلحة الشخصية فقط، تاركين وراءهم معدات ثقيلة تقدر بملايين الدولارات.
الاتفاق السري الإماراتي-السعودي يكشف عن إعادة ترتيب جذرية للنفوذ الإقليمي، بعد أشهر من التوترات المكتومة بين البلدين الشقيقين حول من يسيطر على كنوز حضرموت النفطية. الهضبة النفطية - أغنى مناطق اليمن بالثروات الطبيعية - تُقسم الآن بين "درع الوطن" في الوادي والصحراء، والنخبة الحضرمية في الساحل. د. أحمد العولقي، خبير الشؤون اليمنية، يحذر بقلق: "نشهد تحول اليمن من دولة موحدة إلى ساحة لتوزيع النفوذ الإقليمي - هذا الانسحاب السلس يشبه انهيار الاتحاد السوفيتي، قوة تنهار دون حرب."
في شوارع سيئون، يخيم صمت مطبق بعد انسحاب القوات، بينما تتصاعد أعمدة الغبار من قوافل المركبات المتجهة شمالاً نحو مأرب - المعقل الأخير للإصلاح. فاطمة البدوي، ربة بيت تراقب الأحداث بقلق: "نحن نعيش تغييراً جذرياً خلال ساعات - من يضمن أمننا غداً؟" العقيد سالم الكثيري، قائد في درع الوطن، يصف اللحظة بفخر: "استلمنا السيطرة دون مقاومة تذكر - هذا يوم تاريخي لاستقرار حضرموت." التأثير فوري ومدمر: فرص عمل جديدة في قطاعات الأمن للموالين، لكن مصير غامض لآلاف من أنصار الإصلاح وعائلاتهم. الاستثمارات النفطية الجديدة تلوح في الأفق، لكن فترة انتقالية متوترة تنتظر السكان المحليين.
نهاية حقبة وبداية أخرى - حضرموت تصبح نموذجاً لإعادة ترسيم الخريطة اليمنية تحت النفوذ الخليجي المباشر. الأسابيع المقبلة ستحدد ما إذا كان هذا "الانسحاب السلس" بداية لاستقرار حقيقي أم مقدمة لفوضى أكبر. السؤال الحارق الآن: هل ستشهد مأرب - المعقل الأخير للإصلاح - مصيراً مشابهاً، أم أن الحرب الحقيقية لم تبدأ بعد؟