الرئيسية / شؤون محلية / عاجل: وفاة شاعر 'سكة التايهين'... كيف غيّر ناصر بن جرّيد وجه الأغنية السعودية إلى الأبد؟
عاجل: وفاة شاعر 'سكة التايهين'... كيف غيّر ناصر بن جرّيد وجه الأغنية السعودية إلى الأبد؟

عاجل: وفاة شاعر 'سكة التايهين'... كيف غيّر ناصر بن جرّيد وجه الأغنية السعودية إلى الأبد؟

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 13 نوفمبر 2025 الساعة 07:00 مساءاً

في لحظة حزن عميقة تجتاح الساحة الثقافية العربية، رحل عن عالمنا الشاعر السعودي العملاق ناصر بن جرّيد، الرجل الذي غنى له ثمانية من عمالقة الفن العربي، تاركاً وراءه كنزاً من الكلمات التي - كما قال محمد عبده - "تغني نفسها قبل أن تُلحَّن". رحل قبل أن ننتبه لحجم الخسارة الثقافية التي تركها برحيله المفاجئ بعد معاناة مع المرض، ليسدل الستار على مسيرة استثنائية امتدت لعقود من الإبداع والتألق.

أحمد الراشد، 58 عاماً، وهو من المتابعين المخلصين لأعمال الراحل، يروي بحزن بالغ: "كنت أنتظر كل أغنية جديدة بكلمات ناصر، لأنني أعرف أنها ستلامس القلب مباشرة". هذه الشهادة تعكس الأثر العميق الذي تركه الراحل في نفوس محبي الفن الأصيل، حيث تميزت كلماته بقدرة سحرية على اختراق القلوب بقوة أشعة الليزر، لكن بنعومة نسيم الصباح. ثلاث محطات مهنية متنوعة من نادي الهلال إلى مجلة "اليمامة" إلى إمارة الرياض، صقلت موهبته وأثرت رؤيته الفنية، بينما ثمانية فنانين كبار من طلال مداح إلى محمد عبده حملوا كلماته إلى القلوب العربية في كل مكان.

مثل نزار قباني في الشعر العربي، كان ناصر بن جرّيد رائداً في الكلمة الغنائية السعودية، حيث نجح في المزج المعجز بين عمق الفصحى وجمال الشعبي. مسيرته الحافلة التي بدأت في الصفحات الثقافية لمجلة "اليمامة" وصفحة "سفينة حنان"، كشفت عن وعي ثقافي عميق ورؤية استشرافية لدور الكلمة في تشكيل الهوية الوطنية. خالد العمري، زميله السابق في اليمامة، يستذكر: "رأيت كيف كان يصقل كل كلمة حتى تصبح جوهرة، وكأنه ينحت تمثالاً من الرخام". هذا الإتقان الاستثنائي جعل من أغانٍ مثل "سكة التايهين" و"يابو البلد" و"سور البلد عالي" علامات فارقة في تاريخ الأغنية العربية.

اليوم، وبينما تتردد أصداء "سكة التايهين" في القلوب الحزينة، يدرك الجميع أن جزءاً من التراث الثقافي السعودي قد رحل معه. سارة المحمد، شاعرة شابة، تعبر عن شعور جيلها قائلة: "فقدنا مدرسة كاملة في كتابة الكلمة التي تغني نفسها". رائحة الحبر في مطبعة اليمامة، وملمس الورق وهو يخط قصائده بيده، وقشعريرة المستمع عند سماع "سور البلد عالي" - كلها ذكريات تشهد على عظمة رجل جعل من الكلمة جسراً بين الأجيال والقلوب. تأثيره على الأغنية السعودية يشبه تأثير دجلة والفرات على حضارة بلاد الرافدين - عميق، أصيل، ومتجذر في أعماق الوعي الجماعي.

بينما تستعد الأجيال القادمة لوراثة هذا الإرث الثقافي الثمين، تبقى أعماله شاهداً على قدرة الفن الأصيل على تجاوز حدود الزمن والجغرافيا. فرصة ذهبية تلوح الآن أمامنا لتوثيق وأرشفة أعماله الكاملة، وإنتاج أعمال تراثية جديدة مستوحاة من أسلوبه الفريد. في عصر السرعة هذا، هل سنحافظ على كنوز التراث الثقافي أم سنتركها تضيع مع الرياح؟

شارك الخبر