في تطور صادم هز أركان السوق السعودي، انكشف أن شركة رائدة في القطاع الصحي أخفت خلافاً ضريبياً ضخماً بقيمة 156 مليون ريال عن مساهميها لمدة سنتين كاملتين. الأمر الأكثر إثارة للجدل: هيئة السوق المالية فرضت غرامة "رمزية" قدرها 20 ألف ريال فقط - أي ما يعادل 0.01% من المبلغ المخفي! هل تثق حقاً في الشركة التي تودع أموالك فيها؟ أم أن هناك كوارث مالية مخفية لم تنكشف بعد؟
فرضت هيئة السوق المالية غرامة قدرها 20 ألف ريال على شركة الشرق الأوسط للرعاية الصحية "السعودي الألماني الصحية" لإخفاء خلاف ضريبي هائل مع هيئة الزكاة والضريبة والجمارك بقيمة 156,858,311 ريال. عبد الرحمن المستثمر، 45 عاماً، مساهم في الشركة منذ 5 سنوات، لم يصدق عينيه عندما اكتشف أن استثماره كان مبنياً على معلومات ناقصة: "شعرت وكأن طبيبي أخفى عني تشخيصاً خطيراً لمدة سنتين... الثقة انهارت تماماً." الخلاف الذي بدأ في ديسمبر 2020 حول الربوط الزكوية والضريبية للأعوام 2015-2018، ظل طي الكتمان حتى نهاية 2022.
القصة خلف هذا الإخفاء تكشف ثغرات خطيرة في أنظمة الحوكمة المؤسسية. د. محمد الاقتصادي، محلل الأسواق المالية، حذر من أن هذه القضية "تشبه طرف جبل الجليد - ما خفي قد يكون أعظم." الخلاف نشأ حول اعتراض الشركة على الربوط الضريبية لأربع سنوات متتالية، مما يثير تساؤلات حول دقة الإقرارات الضريبية للشركة. هذا المبلغ الضخم - الذي يعادل تكلفة بناء مستشفى حديث بـ 200 سرير - كان يجب الإفصاح عنه فوراً وفقاً لقواعد هيئة السوق المالية.
التأثير على المستثمرين الصغار كان مدمراً. أحمد المتداول، مستثمر نشط في السوق السعودي، وصف شعوره بالقول: "تسارعت نبضات قلبي وبردت يداي من القلق عندما أدركت حجم المعلومات المخفية عن شركة في محفظتي." آلاف المستثمرين اتخذوا قرارات شراء وبيع بناءً على معلومات ناقصة لمدة عامين. د. سارة النظامي، خبيرة الحوكمة المالية، أشادت بصرامة الهيئة رغم انتقادها لضآلة الغرامة: "الرسالة واضحة - الشفافية ليست خياراً بل إلزام." السيناريو المتوقع يشير إلى تسوية الخلاف بمبلغ قريب من المعلن، لكن الثقة المفقودة قد تستغرق سنوات للاستعادة.
هذه القضية تمثل نقطة تحول في مستوى الشفافية المطلوبة بالسوق السعودي، ضمن التحولات الجذرية لرؤية 2030. الرسالة واضحة لجميع الشركات: عصر إخفاء المعلومات الحساسة انتهى إلى الأبد. على كل مستثمر اليوم مراجعة محفظته بعين فاحصة والتأكد من شفافية الشركات التي يثق بها بأمواله. السؤال الذي يؤرق الجميع الآن: كم من المعلومات الحساسة لا تزال مخفية في أدراج الشركات الأخرى؟ ومتى ستنفجر القنابل المالية الموقوتة التالية؟