في قرار مفاجئ هز أركان القطاع الصحي السعودي، أوقفت الحكومة بدل الساعات الإضافية عن عشرات الآلاف من الموظفين في 7 فئات وظيفية، ليختفي راتب شهر كامل من جيوب الآلاف دون إنذار مسبق. القرار الصاعق الذي صدر عن مجلس الوزراء يعني انخفاضاً يتراوح بين 15-25% من الدخل الشهري لآلاف الأسر، والوقت ينفد أمام الموظفين للتكيف مع هذا الواقع المالي الجديد.
أحمد المالكي، فني إحصاء طبي ومتزوج وأب لثلاثة أطفال، يصف صدمته: "كنت أعتمد على بدل الساعات الإضافية لتغطية أقساط السيارة ومصاريف المدرسة، والآن أجد نفسي أمام معادلة صعبة". القرار الذي طال 7 فئات بينها فني الإحصاء الطبي، مساعد رعاية المرضى، السائقين وحراس الأمن، خلف وراءه همهمات القلق في أروقة المستشفيات ونقاشات حادة في غرف الاستراحة، بينما تحمل لوحات إعلانية على جدران المستشفيات تفاصيل القرار الذي انتشر بسرعة البرق عبر القطاع الصحي.
يأتي هذا القرار كجزء من خطة شاملة لإعادة هيكلة البدلات والمزايا المالية في القطاع الحكومي، تماماً مثل قرارات ضبط الإنفاق في الثمانينات التي أدت لإعادة هيكلة شاملة للقطاع الحكومي. د. محمد الراشد، خبير في الإدارة الصحية، يؤكد أن "إعادة هيكلة البدلات خطوة ضرورية لتطوير القطاع، والقرار كالعملية الجراحية، مؤلم في البداية لكنه ضروري لصحة النظام المالي". التعميم الرسمي يشير إلى أن العمل بأحكام القرار سيستمر لمدة 730 يوماً كاملاً، أو حتى استكمال الإجراءات النظامية لتحسين أوضاع المشمولين.
التأثير لا يقتصر على الموظفين فقط، بل يمتد ليشمل إعادة ترتيب الأولويات المالية لآلاف الأسر، وتقليل الإنفاق على الكماليات، مما سيؤثر حتماً على القطاعات التجارية المحلية. فاطمة النفيعي، حارسة أمن في مستشفى الملك فهد، تقول بحسرة: "كنا نعتمد على هذا البدل لمواجهة غلاء المعيشة، والآن نحتاج لإعادة حساباتنا بالكامل". د. سارة العتيبي، مدير مستشفى، تحاول التوازن قائلة: "القرار سيحسن من تنظيم العمل ويضمن العدالة للجميع، لكن علينا أن نجد طرقاً لدعم موظفينا خلال هذه المرحلة الانتقالية".
هذا القرار التاريخي الذي يؤثر على عدد من الموظفين يفوق سكان مدينة متوسطة الحجم، يطرح تساؤلات مصيرية حول مستقبل القطاع الصحي. بينما تشير التوقعات إلى إجراءات تعويضية وإعادة هيكلة شاملة للرواتب خلال العامين القادمين، يبقى على الموظفين إعادة تقييم خططهم المالية والاستعداد للتغيير الجذري. والسؤال الذي يؤرق الجميع: هل سيتمكن القطاع الصحي من الحفاظ على جودته وسط هذه التغييرات الجذرية التي تهز أسس الاستقرار المالي لآلاف العاملين فيه؟