في تطور صاعق يعيد رسم خريطة الاستثمار العالمي، فتحت المملكة العربية السعودية لأول مرة في تاريخها الممتد لـ 93 عاماً أبوابها أمام الأجانب لامتلاك العقارات، بقرار تاريخي وافق عليه مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. الباب الذي ظل مغلقاً أمام ملايين المستثمرين لأكثر من تسعة عقود انفتح أخيراً، والعد التنازلي بدأ: 6 أشهر فقط تفصلنا عن يناير 2026، التاريخ الذي سيشهد تغييراً جذرياً قد يهز أسس السوق العقاري في المنطقة بأكملها.
جون سميث، المستثمر الأمريكي البالغ من العمر 45 عاماً، لا يخفي حماسه الجامح: "لقد انتظرت هذه اللحظة لسنوات طويلة، وأخطط لاستثمار 50 مليون دولار في العقارات السعودية فور تطبيق القانون." كلمات تختصر مشاعر آلاف المستثمرين حول العالم الذين يترقبون بفارغ الصبر الدخول إلى السوق السعودي الذي وُصف بـ"المحيط الهادئ" الذي يوشك أن يتحول إلى "بحر هائج من النشاط الاستثماري". وزير البلديات والإسكان ماجد بن عبدالله الحقيل أكد أن "هذا النظام الجديد يأتي في وقت مناسب لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة"، في خطوة تذكرنا بانفتاح الصين على العالم في السبعينات.
خلف هذا القرار الثوري تقف رؤية 2030 الطموحة، التي تسعى لتنويع مصادر الدخل السعودي وكسر الاعتماد على النفط. لعقود طويلة، كانت السعودية من الدول القليلة في العالم التي تمنع الأجانب من امتلاك العقارات بشكل كامل، وسط سياسة حمائية هدفت للحفاظ على الهوية الوطنية. د. سعد الاقتصادي، الخبير العقاري المرموق، يتوقع "نمو القطاع العقاري بنسبة 300% خلال العقد القادم"، مشيراً إلى أن السعودية تتبع خطوات الإمارات وقطر اللتان شهدتا نمواً عقارياً هائلاً بعد فتح أسواقهما أمام الأجانب.
أحمد السعودي، المواطن البالغ من العمر 35 عاماً، يعبر عن مخاوفه بصراحة: "أخشى ألا أتمكن من شراء منزل أحلامي بسبب ارتفاع الأسعار المتوقع." مقابل ذلك، تحتفل فاطمة المقيمة المصرية التي تعيش في الرياض منذ 15 عاماً: "أخيراً سأتمكن من امتلاك منزل في المدينة التي أحببتها." هذا التباين في المشاعر يعكس حجم التأثير المتوقع على الحياة اليومية، من تغيير في أسعار الإيجارات إلى زيادة جودة المشاريع السكنية. النظام الجديد يركز على مدينتي الرياض وجدة، مع وضع شروط خاصة للامتلاك في مكة والمدينة، ضماناً للتوازن بين جذب الاستثمارات وحماية مصالح المواطنين.
كالصاروخ الذي يكسر حاجز الصوت، هذا القرار التاريخي يكسر حواجز عقود من القيود ويفتح آفاقاً لا محدودة أمام السعودية لتصبح قطباً عقارياً عالمياً. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستنجح المملكة في تحقيق التوازن المطلوب بين جذب الاستثمارات الأجنبية وحماية مصالح مواطنيها؟ وهل سنشهد ولادة عملاق عقاري جديد في المنطقة، أم أن التحديات ستفوق الفرص المنتظرة؟