في مشهد تاريخي لم تشهده المملكة منذ سنوات، دعا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أكثر من 35 مليون مواطن ومقيم لإقامة صلاة الاستسقاء يوم الخميس المقبل في جميع أنحاء البلاد. هذه الدعوة الاستثنائية، التي تمتد عبر 2 مليون كيلومتر مربع من أرض الحرمين، تمثل عودة حقيقية لتطبيق السنة النبوية في أسمى صورها، وسط ترقب شعبي كبير لما يُعتبر أكبر تجمع روحي في تاريخ المملكة الحديث.
البيان الملكي الصادر عن الديوان الملكي أكد أن هذه الدعوة تأتي "تأسياً بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم"، مما يعني أن ملايين المصلين سيرفعون أيديهم للسماء في نفس اللحظة التي فعل فيها الرسول الكريم الأمر ذاته قبل 1447 عاماً على نفس هذه الأرض المباركة. "أحمد المطيري"، مزارع من منطقة القصيم، عبّر عن مشاعره قائلاً: "ننتظر هذا اليوم بفارغ الصبر، مزارعنا والأرض كلها تحتاج لرحمة الله ومطره". هذا المشهد المهيب سيشهد أصوات الدعاء والتكبير ترتفع كنهر عظيم من الأصوات نحو السماء.
الخلفية التاريخية لهذا القرار تعود إلى السنة النبوية العريقة، حيث كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقيم صلاة الاستسقاء عندما تحتاج الأرض للغيث والمطر. د. عبدالله السلمي، أستاذ الفقه بالجامعة الإسلامية، أشار إلى أن "هذه عودة حقيقية لتطبيق منهج النبوة في الحكم، حيث تجتمع القيادة السياسية الحكيمة مع التوجيه الروحي". المملكة، التي تقع في منطقة صحراوية وتعتمد بشكل كبير على تحلية المياه والمياه الجوفية، تواجه تحديات مناخية عالمية تجعل من هذه الدعوة ضرورة روحية وعملية في آن واحد.
التأثير المتوقع لهذا الحدث الاستثنائي يمتد إلى جميع جوانب الحياة اليومية، حيث ستتوقف الأنشطة جزئياً يوم الخميس لتتيح للجميع المشاركة في هذه الصلاة التاريخية. "فاطمة العتيبي" من الرياض عبّرت عن مشاعر الملايين قائلة: "نشعر بالطمأنينة والفخر عندما نرى قيادتنا تتبع منهج النبوة وتجمعنا في دعاء واحد". الخبراء يتوقعون أن يؤدي هذا الحدث إلى تعزيز الوحدة الوطنية بشكل غير مسبوق، وزيادة كبيرة في الأعمال الخيرية والتطوعية، بينما ستشهد المساجد والأماكن المفتوحة تحضيرات مكثفة لاستقبال هذا التجمع الروحي الاستثنائي. المشهد المتوقع يوم الخميس سيكون كالملحمة الروحية: ملايين المصلين تحت السماء المفتوحة، أيديهم مرفوعة، وقلوبهم متجهة نحو الله بنفس الخشوع والانكسار.
هذه الدعوة الملكية التاريخية تضع المملكة في موقع القيادة الروحية للعالم الإسلامي، وتؤكد التزامها بتطبيق السنة النبوية في جميع جوانب الحياة. مع ترقب الملايين ليوم الخميس، تبقى المملكة شاهدة على أن الحكم الحكيم يجمع بين القيادة والروحانية. هل ستكون جزءاً من هذا الحدث التاريخي الذي يجمع بين الأرض والسماء في دعاء واحد يردده 35 مليون صوت؟