في تطور مذهل يهز عالم التقنية، وصلت مبادرة "سماي" السعودية إلى رقم خيالي: مليون مستفيد حصلوا على شهادة الذكاء الاصطناعي في وقت قياسي لم يتجاوز عاماً واحداً. هذا يعني أن كل 35 مواطناً سعودياً، هناك واحد منهم اليوم يملك مفاتيح تقنيات المستقبل التي ستحكم العالم خلال السنوات القادمة. بينما تقرأ هذه الكلمات، مئات الشباب السعودي يكتسبون مهارات ستجعلهم قادة الثورة التقنية القادمة.
أحمد الغامدي، طالب هندسة عمره 22 عاماً، لا يكاد يصدق التحول الذي طرأ على حياته: "قبل سنة كنت مجرد طالب عادي، اليوم أعمل مطور ذكاء اصطناعي براتب يفوق 15 ألف ريال شهرياً". قصة أحمد ليست استثناء، بل واقع يعيشه الآلاف من الشباب السعودي الذين استثمروا في تعلم مهارات الذكاء الاصطناعي عبر مبادرة سماي. أصوات النقر المتسارع على لوحات المفاتيح في مختبرات الحاسب تحكي قصة جيل يكتب مستقبله بيديه، بينما تضيء الشاشات وجوههم المتحمسة لاكتشاف عوالم جديدة من التقنية.
هذا الإنجاز الاستثنائي يأتي كجزء من رؤية طموحة وضعتها المملكة منذ سنوات، حيث أدركت القيادة الرشيدة أن الاستثمار في رأس المال البشري هو الطريق الوحيد للمستقبل. مثلما غيّر اكتشاف النفط مسار المملكة في القرن الماضي، فإن الذكاء الاصطناعي اليوم يمثل النفط الجديد الذي سيقود اقتصاد المملكة نحو آفاق لا محدودة. التعاون الاستراتيجي بين وزارة التعليم وهيئة سدايا خلق نموذجاً فريداً للشراكة الحكومية الناجحة، حيث تمكنت الجهتان من تحويل الرؤية إلى واقع ملموس في زمن قياسي.
نورا العتيبي، طالبة ثانوية عمرها 17 عاماً، طورت تطبيقاً ذكياً لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة خلال شهرين فقط من حصولها على الشهادة. "لم أتخيل يوماً أنني سأقوم بشيء كهذا وأنا لا أزال في المرحلة الثانوية"، تقول نورا بحماس بادٍ في عينيها. هذا التأثير الإيجابي لا يقتصر على الأفراد فحسب، بل يمتد ليشمل سوق العمل بأكمله، حيث تشهد الشركات التقنية السعودية اليوم إقبالاً متزايداً من أصحاب العمل الباحثين عن مواهب محلية متخصصة. المستقبل يبدو مشرقاً لجيل كامل من السعوديين المسلحين بأدوات الثورة الصناعية الرابعة، حيث تفتح أمامهم فرص لا محدودة للعمل محلياً وعالمياً.
وبينما تحتفل المملكة بهذا الإنجاز التاريخي، تستمر الرحلة نحو تحقيق أهداف رؤية 2030 الطموحة. مليون شهادة اليوم هي مجرد البداية لتحول جذري سيضع المملكة في مقدمة الدول الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستكون جزءاً من المليون القادم الذين سيقودون مستقبل المملكة التقني، أم ستبقى مجرد مشاهد لثورة تحدث أمام عينيك؟