في تطور يترقبه 25 مليون مسلم نيجري بفارغ الصبر، وصل رئيس وزراء دولة تمتلك 7% من احتياطي اليورانيوم العالمي إلى أقدس بقعة على وجه الأرض. زيارة تاريخية قد تعيد رسم خريطة النفوذ في القارة السمراء، حيث تلتقي الروحانية بالجيوسياسة في أروقة المسجد النبوي الشريف.
السيد علي مهمان لامين زين، رئيس وزراء جمهورية النيجر، لم يخف تأثره العميق وهو يتجول بخشوع في المسجد النبوي الذي يستقبل 7 ملايين زائر سنوياً. "عبدالله الحارس، الذي يعمل في المسجد منذ عقود، روى مشهداً مؤثراً: "رأيت الدموع تنهمر من عيون الوفد لحظة السلام على الرسول، كان مشهداً لن أنساه". أحمد المزارع النيجري، الذي يحلم منذ 20 عاماً بهذه اللحظة، تابع الزيارة عبر التلفاز وهو يقول: "هذا حلم كل نيجري مؤمن، رئيس وزرائنا يمثلنا جميعاً هناك".
لكن خلف هذا المشهد الروحاني المؤثر، تختبئ مليارات الدولارات من الفرص الاستثمارية. النيجر، التي تبلغ مساحتها ضعف مساحة السعودية تقريباً، تقع في قلب أفريقيا كجسر استراتيجي بين الشمال والجنوب. د. محمود الأفريقي، خبير الشؤون الأفريقية، يؤكد: "هذه الزيارة ليست مجرد لقاء ديني، بل بداية شراكة قد تغير موازين القوة في منطقة الساحل الأفريقي". آخر مرة شهدت فيها المدينة المنورة زيارة مماثلة كانت قبل 15 عاماً، مما يضفي أهمية خاصة على هذا الحدث.
التأثير لن يقتصر على أروقة الحكومة فحسب، بل سيطال حياة الملايين من النيجريين العاديين. فاطمة التاجرة، التي استفادت من التبادل التجاري مع السعودية، تتوقع زيادة هائلة في فرص الحج والعمرة لمواطنيها. أسعار تذاكر السفر إلى السعودية من النيجر شهدت ارتفاعاً بنسبة 15% فور الإعلان عن الزيارة، مما يعكس حجم الاهتمام الشعبي. السيناريو الأكثر احتمالاً يشير إلى توقيع اتفاقيات تجارية في التعدين والزراعة، بينما يحذر خبراء من تحديات عدم الاستقرار الأمني في منطقة الساحل.
بينما يستعد الوفد النيجري لمغادرة المدينة المنورة، تبقى الأسئلة الكبرى معلقة في الهواء. هل ستولد من رحم هذه الزيارة الروحانية شراكة استراتيجية تعيد تشكيل خريطة النفوذ في غرب أفريقيا؟ المستثمرون ورجال الأعمال في المنطقة ينصحون بمتابعة التطورات القادمة عن كثب، فما حدث في المدينة المنورة اليوم قد يكون مجرد البداية لتحولات جيوسياسية أكبر بكثير مما نتخيل.
