كشفت المعطيات الرسمية الجديدة لعام 2025 عن محدودية شديدة في خيارات السفر الدولي المتاحة للمواطنين اليمنيين، حيث تفتح ثماني وجهات فقط أبوابها أمامهم دون الحاجة لتأشيرة مسبقة، مع بروز ماليزيا كأبرز هذه الوجهات نظراً لأهميتها الاقتصادية والتعليمية الكبيرة.
تضم القائمة المحدودة للوجهات المفتوحة بلا قيود كلاً من ماليزيا والسودان وجزر كوك ودومينيكا وسانت فنسنت والغرينادين وميكرونيسيا وهايتي وپالاو. وتحتل ماليزيا المرتبة الأولى من حيث الأهمية العملية بين هذه الوجهات، كونها تمثل مقصداً استراتيجياً للطلاب اليمنيين الباحثين عن التعليم العالي والمستثمرين الساعين لفرص تجارية، بالإضافة إلى كونها وجهة سياحية متميزة بمعالمها الطبيعية وثقافتها المتنوعة.
ويأتي السودان في المرتبة الثانية من حيث الأهمية العملية للمسافرين اليمنيين، نظراً للقرب الجغرافي والروابط التاريخية والثقافية العريقة بين البلدين. فيما تبقى الوجهات الأخرى محدودة الجاذبية نسبياً بسبب بُعدها الجغرافي أو طبيعتها كجزر صغيرة تفتقر للبنية التحتية السياحية والتجارية المتطورة.
وتعكس هذه الأرقام المتواضعة التحديات الجمة التي تواجه حرية التنقل للمواطنين اليمنيين، في ظل فرض 147 دولة حول العالم قيوداً صارمة تستوجب الحصول على تأشيرات مسبقة عبر الإجراءات الدبلوماسية التقليدية. هذه الإجراءات تتطلب تقديم حزمة معقدة من الوثائق تشمل الإثباتات المالية وخطابات الدعوة والحجوزات الفندقية وتذاكر الطيران، في عمليات بيروقراطية قد تمتد لأشهر طويلة قبل صدور القرار النهائي.
ويربط الخبراء في العلاقات الدولية هذه القيود المشددة بالأوضاع السياسية والأمنية المضطربة التي تشهدها اليمن منذ سنوات عديدة. هذا الوضع أدى إلى تراجع ملحوظ في العلاقات الدبلوماسية مع كثير من دول العالم، مما انعكس سلباً على مكانة الجواز اليمني في التصنيفات العالمية لحرية التنقل. كما تلعب المخاوف المتعلقة بالهجرة غير النظامية دوراً محورياً في تشديد معايير منح التأشيرات، حيث تتخوف العديد من الدول من احتمالية تحول الزيارات المؤقتة إلى إقامات دائمة بسبب الظروف الصعبة في اليمن.
ومع ذلك، تقدم 22 دولة إضافية بعض التسهيلات للمسافرين اليمنيين من خلال نظام التأشيرة عند الوصول، مما يرفع العدد الإجمالي للوجهات المتاحة بسهولة نسبية إلى ثلاثين وجهة حول العالم. وتشمل قائمة دول التأشيرة عند الوصول وجهات مهمة مثل المالديف وجزر القمر وجيبوتي ورواندا وسريلانكا وسيشيل ولبنان ومدغشقر، والتي توفر مرونة أكبر للمسافرين رغم اشتراطها إجراءات معينة عند نقاط الدخول.
وفي السياق ذاته، تتيح 51 دولة حول العالم للمواطنين اليمنيين إمكانية الحصول على تأشيرات إلكترونية، وهو نظام يمثل حلاً وسطاً بين التعقيدات البيروقراطية للتأشيرات التقليدية والمرونة المطلوبة للسفر العصري. وتضم هذه القائمة دولاً خليجية مهمة كالإمارات وقطر والبحرين وعمان، بالإضافة إلى وجهات آسيوية رئيسية مثل باكستان وأستراليا وتايلاند وسنغافورة وفيتنام.
وتشير التوقعات المستقبلية إلى احتمالية حدوث تحسينات تدريجية، حيث تسعى الحكومة اليمنية لإبرام اتفاقيات ثنائية جديدة مع عدة دول لتعزيز حرية تنقل مواطنيها. ويعتقد محللون سياسيون أن أي تقدم ملموس في مسار التسوية السياسية الشاملة سينعكس إيجابياً على تصنيف الجواز اليمني عالمياً، خاصة مع الدول المجاورة والدول ذات العلاقات التاريخية العريقة مع اليمن.
كما يحمل التحول العالمي المتسارع نحو رقمنة أنظمة التأشيرات بشائر إيجابية للمسافرين اليمنيين في المستقبل المتوسط. فالتأشيرات الإلكترونية وأنظمة التسجيل المسبق الرقمية تشهد انتشاراً واسعاً حول العالم، مما يقلص الحواجز البيروقراطية ويبسط إجراءات الموافقة على طلبات السفر. غير أن الخبراء يحذرون من أن هذه التطورات الإيجابية قد تستغرق فترات زمنية طويلة للتفعيل الكامل، وأن تحسين قوة جواز السفر اليمني يبقى مرتبطاً بشكل وثيق بتحقيق الاستقرار السياسي والأمني في البلاد وبناء علاقات دولية متوازنة.