في تطور صادم يعيد رسم خريطة الخدمات المصرفية اليمنية، دق جرس بنك القطيبي الإسلامي لأول مرة في تاريخ محافظة المهرة النائية، منهياً معاناة استمرت عقدين كاملين من السفر مئات الكيلومترات للحصول على أبسط الخدمات المصرفية. هذا اليوم التاريخي - السبت 8 نوفمبر 2025 - يشهد ثورة حقيقية في عالم المال والأعمال بشرق اليمن.
تجمع مئات المواطنين صباح اليوم في مراسم احتفالية مهيبة بقلب مديرية شحن، حيث أزيح الستار عن مبنى عصري يضم أحدث التقنيات المصرفية العالمية. "نحن لا نفتتح فرعاً، بل نفتح أبواب المستقبل أمام أهل المهرة" هكذا صرح الأستاذ عبد السلام الوردي، الرئيس التنفيذي للبنك، وسط هتافات الفرح. أحمد المهري، التاجر المحلي ذو الـ45 عاماً، لم يستطع إخفاء دموع الفرح: "انتظرت 15 عاماً لهذه اللحظة، كنت أسافر إلى المكلا للحصول على قرض بسيط".
وراء هذا الإنجاز التاريخي استراتيجية طموحة لتعزيز الشمول المالي تستهدف الوصول لكل بيت يمني. البنك الحاصل على شهادة الجودة العالمية ISO 9001:2015 يواصل نجاحاته المتتالية بعد افتتاح عدة فروع في مناطق محررة أخرى. "كما غيّرت طرق الحرير وجه التجارة قديماً، يغيّر هذا الفرع وجه اقتصاد المهرة اليوم" يؤكد د. محمد العولقي، الخبير الاقتصادي الذي يتوقع تحولاً جذرياً في المنطقة خلال الأشهر القادمة.
سيتمكن سكان المهرة الآن من الحصول على تمويل فوري للمشاريع الصغيرة والأصغر دون السفر لساعات طويلة، بينما تحلم فاطمة سالم، صاحبة مشروع الخياطة المنزلي، بتوسيع مشروعها: "أخيراً سأحقق حلمي بافتتاح محل كبير". الفرع الجديد يقدم باقة متكاملة تشمل بطاقات ماستر كارد والخدمات الرقمية المتطورة، مما يفتح آفاقاً جديدة أمام التجارة الإلكترونية والاستثمار. سعد بن عفرار، المواطن المحلي، يعبر عن ارتياحه: "لن نضطر بعد اليوم للسفر ساعات للوصول لأقرب بنك".
يستمر بنك القطيبي في ترسيخ موقعه الريادي كرائد التمويل الأصغر، مع خطط توسعية تشمل مزيداً من المحافظات المحررة. هذا الإنجاز التاريخي يضع المهرة على خريطة التطوير الاقتصادي الحديث، ويبشر بمستقبل واعد للمشاريع الناشئة والتجارة المحلية. على أهالي المهرة اغتنام هذه الفرصة الذهبية للانطلاق نحو آفاق اقتصادية جديدة - فالسؤال الآن: هل ستكون المهرة النموذج الجديد للتنمية المصرفية في كل المناطق النائية؟
