في تطور صادم هز الأسواق اليمنية، كشفت النشرة اليومية الأخيرة عن أسعار خضار وفواكه تحطم كل الأرقام القياسية في عدن. 26,000 ريال ثمن كيس خيار واحد - هذا ما يدفعه المواطن اليمني اليوم، في حين وصل تفاوت أسعار الطماطم إلى 53% في يوم واحد، مما يعني أن المستهلك قد يدفع 23,000 ريال بدلاً من 15,000 للسلة الواحدة. الخبراء يحذرون: كل دقيقة تأخير في ضبط الأسعار تعني أسراً أكثر تنزلق نحو الفقر والجوع.
كشفت نشرة مكتب الزراعة والري في عدن عن تفاوتات مرعبة تعكس واقعاً اقتصادياً مؤلماً. فبينما يصارع المواطن العادي لتأمين لقمة العيش، وصلت أسعار الخيار إلى مستويات خيالية تبلغ 1,625 ريال للكيلوغرام الواحد. "أم محمد" من عدن تروي معاناتها: "أحاول شراء احتياجات أسرتي من 5 أشخاص بميزانية 50,000 ريال أسبوعياً، لكن هذه الأسعار تجعلني أعود خالية الوفاض". صراخ البائعين بالأسعار الجديدة يختلط بتذمر المتسوقين وأصوات الصدمة التي تملأ أروقة سوق الجملة بالمنصورة.
الأزمة الاقتصادية التي تعصف باليمن منذ 2015 وتدهور الريال اليمني بشكل مستمر، خلقا بيئة مثالية للمضاربة وعدم الاستقرار في الأسعار. ارتفاع تكاليف النقل وأسعار الوقود، إضافة إلى ضعف الإنتاج المحلي، ساهمت في هذا الارتفاع الجنوني. د. أحمد السقاف، خبير الاقتصاد الزراعي يؤكد: "هذه التفاوتات تعكس غياب الرقابة وضعف آليات السوق. أسعار اليوم أعلى بـ400% من أسعار 2020، كأننا نعيش في دولة أخرى". المقارنة صارخة: برتقال أبو سرة يباع بـ50,000 ريال بينما البرتقال البلدي بـ15,000 فقط في نفس السوق.
التأثير المدمر لهذه الأسعار يمتد إلى كل بيت يمني. أسر كاملة تعيد ترتيب أولويات الإنفاق، مقللة من استهلاك الخضار والفواكه الضرورية لصحة أطفالها. "علي التاجر"، بائع خضار بالتجزئة، يصف المشهد: "المستهلكون يصدمون عند رؤية الأسعار ويتركون السوق خالي الوفاض". شراء الخضار أصبح كشراء الذهب - نزن كل جرام ونحسب كل فلس. معدلات سوء التغذية مرشحة للارتفاع، بينما تضطر الأسر لاستبدال الوجبات الصحية بالنشويات الأرخص. رائحة الخضار الطازجة في الأسواق تختلط برائحة عوادم السيارات وأنفاس اليأس المنبعثة من وجوه المتسوقين المنهكة.
أمام هذا الواقع المؤلم، يبقى السؤال الأهم: هل ستتحرك الحكومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، أم ستستمر في صمتها حتى تنزلق البلاد نحو كارثة غذائية شاملة؟ الأسعار الجنونية والتفاوتات المرعبة تتطلب تدخلاً فورياً، وإلا فإن الوضع مرشح للانفجار. إلى متى سيصمت المسؤولون أمام معاناة شعب جائع؟