الرئيسية / شؤون محلية / تناقض صارخ: حكومة اليمن تحظر العملات الأجنبية وترفع رسوم العمرة 60% بالريال السعودي
تناقض صارخ: حكومة اليمن تحظر العملات الأجنبية وترفع رسوم العمرة 60% بالريال السعودي

تناقض صارخ: حكومة اليمن تحظر العملات الأجنبية وترفع رسوم العمرة 60% بالريال السعودي

نشر: verified icon أمجد الحبيشي 28 أكتوبر 2025 الساعة 06:55 صباحاً

أثارت القرارات الأخيرة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا جدلاً واسعًا بين المواطنين والمحللين الاقتصاديين، حيث ظهر تناقض صارخ بين قرار حظر استخدام العملات الأجنبية في المعاملات المحلية وقرار رفع رسوم العمرة والحج بالريال السعودي بنسبة 60%، مما يطرح تساؤلات حول مدى اتساق السياسات الحكومية وتأثيرها على قدرة المواطنين على أداء شعائرهم الدينية.

شهدت رسوم أداء مناسك العمرة ارتفاعًا مفاجئًا وحادًا من 500 ريال سعودي إلى 800 ريال سعودي، بزيادة قدرها 300 ريال سعودي، وفقًا لتوجيهات وزارة الأوقاف والإرشاد اليمنية. هذا الارتفاع يعادل نحو 320 ألف ريال يمني وفق سعر الصرف السائد في عدن حيث يبلغ سعر صرف الريال اليمني 400 ريال مقابل الريال السعودي الواحد، بينما يعادل 112 ألف ريال يمني في صنعاء تحت سيطرة الحوثيين حيث يساوي الريال اليمني نحو 140 مقابل الريال السعودي.

ويبرز التناقض الواضح في السياسات الحكومية من خلال إصدار قرار رسمي في منتصف أغسطس الماضي يحظر استخدام العملات الأجنبية بديلاً عن العملة الوطنية في المعاملات التجارية والخدمية والتعاقدات المالية في عموم محافظات اليمن. القرار الذي التزمت به مختلف الجهات الحكومية بما في ذلك وزارة النقل والهيئة العامة للطيران المدني والخطوط الجوية اليمنية، بينما تواصل وزارة الأوقاف والإرشاد تحديد رسوم الحج والعمرة بالريال السعودي رغم هذا المنع الصريح.

لم تقتصر الزيادات على رسوم العمرة فحسب، بل امتدت لتشمل تكاليف أداء مناسك الحج أيضًا، حيث حددت وزارة الأوقاف والإرشاد رسوم الحج لهذا العام بنحو 13 ألفًا و475 ريالاً سعوديًا للسفر البري، أي ما يعادل حوالي 5 ملايين ريال يمني بسعر الصرف في عدن ومناطق سيطرة الحكومة اليمنية. فيما ترتفع التكلفة للسفر جوًا إلى 13 ألفًا و813 ريالاً سعوديًا، بينما وصلت تكلفة البرنامج الممتاز إلى 42 ألفًا و398 ريالاً سعوديًا، وهي مبالغ تفوق قدرات نسبة كبيرة من السكان في ظل تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.

عبّر المواطن صادق العديني عن استيائه من هذا الارتفاع غير المبرر، مؤكدًا أنه "سيضيف المزيد من الأعباء التي يتحملها المواطنون"، مشيرًا إلى أنه سافر منذ نحو ستة أشهر لأداء العمرة حيث دفع رسومًا بمبلغ 500 ريال سعودي فقط. كما أوضح المواطن فكري الحمادي أن تكاليف السفر الأخرى تصل إلى ما يقارب 200 و250 ريال سعودي، وقد تزيد عن ذلك بسبب المماطلة والانتظار لأيام في منفذ الوديعة الحدودي مع السعودية الواقع في محافظة حضرموت جنوب شرقي اليمن.

يرى المحلل الاقتصادي نبيل الشرعبي أن هناك "ارتباكًا واضحًا لدى الأجهزة والجهات الحكومية في التعامل مع القرارات التي تأتي في سياق برنامج الإصلاحات الاقتصادية والنقدية التي تنفذها الحكومة والبنك المركزي في عدن". ويضيف الشرعبي أن "الإرباك يبدأ من الحكومة نفسها التي تتخذ قرارات، صحيح قد تكون مهمة ومطلوبة، لكنها لا تخضع للدراسة والتدقيق قبل اتخاذها"، مما يعكس غياب التنسيق بين مؤسسات الدولة المختلفة.

ويؤكد الشرعبي أن الريال السعودي يطغى على مختلف التعاملات في عدن ومناطق الحكومة، شاملاً غالبية التعاملات المالية في الأسواق والمعاملات والتعاقدات الحكومية، إضافة إلى مكاتب السفر والعمرة والحج التي تعتمد الريال السعودي في كافة معاملاتها ورسومها. كما يشير إلى وجود سلسلة من الأعمال والممارسات الاستغلالية تبدأ من عملية الحصول على وثيقة السفر عبر المكاتب العاملة في مجال السفر والنقل، حيث تنتشر ممارسات النصب والابتزاز التي تكلف المواطنين مبالغ طائلة بالعملات الأجنبية، إلى جانب المماطلة والتأخير اللذين يضيفان المزيد من التكاليف التي قد تعادل نصف مبلغ شراء تذكرة السفر الذي يتراوح بين 500 إلى 600 دولار أميركي.

تأتي هذه التطورات في وقت تمر فيه اليمن بظروف استثنائية صعبة، خاصة بعد العدوان الإسرائيلي الذي استهدف أربع طائرات للخطوط الجوية اليمنية، مما تسبب في توقف رحلات الناقل الوطني من مطار صنعاء إلى السعودية وأزمة كبيرة في قطاع النقل الجوي لا تزال متصاعدة حتى الآن.

استجابت الحكومة اليمنية في عدن للأزمة بفتح المجال أمام شركات الطيران الخاصة الاستثمارية لتشغيل رحلاتها بأسرع وقت، للتخفيف من الضغط على طلب المسافرين بعد منحها تراخيص تشغيل جديدة. ومن المقرر أن تبدأ شركة طيران عدن الجديدة التابعة لمجموعة القطيبي أولى رحلاتها التجارية على خط عدن - القاهرة في 27 أكتوبر الجاري، كجزء من الجهود الحكومية لحل أزمة النقل الجوي.

وفي هذا السياق، أعلنت وزارة الأوقاف والإرشاد الحكومية عن اعتماد 234 منشأة رسمية لتفويج الحجاج اليمنيين لموسم حج 1447هـ، بعد استكمال عمليات التقييم والمراجعة ومطابقة الشروط الفنية والإدارية المحددة، مؤكدة أن رسوم الحج المحددة تشمل الخدمات الأساسية والإعاشة والسكن دون احتساب تذاكر النقل الجوي أو البري التي ستحدد لاحقًا.

يعتبر المواطنون اليمنيون هذا الارتفاع في التكاليف بمثابة استغلال إضافي يتعرضون له من قبل مكاتب السفر والعمرة، يُضاف إلى سلسلة التكاليف الباهظة التي عليهم إنفاقها للحصول على الوثائق ومستلزمات السفر ومتطلباته لأداء العمرة أو الحج. كما يكشف هذا التناقض في السياسات تحديًا حقيقيًا أمام المواطنين الساعين لأداء مناسكهم الدينية، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية وعدم الاتساق في تطبيق القرارات الحكومية، مما يضاعف من معاناتهم المالية ويقيد قدرتهم على أداء الشعائر الدينية بحرية ويسر.

ولقي إعلان وزارة الأوقاف عن تكاليف الحج بالريال السعودي استهجانًا واسعًا في الوقت الذي يسري فيه قرار حكومي يحظر استخدام العملات الأجنبية بديلاً عن العملة الوطنية في المعاملات التجارية والخدمية في عموم محافظات الجمهورية اليمنية، مما يعكس الحاجة الماسة لمراجعة شاملة للسياسات الحكومية وضمان تطبيقها بشكل متسق عبر جميع مؤسسات الدولة دون استثناءات تضر بمصالح المواطنين وتزيد من أعبائهم المالية في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد.

شارك الخبر