شهدت منطقة الخليج العربي نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً خلال الساعات الماضية، تركز في توقيع 4 اتفاقيات استراتيجية بين الكويت وتركيا، وصفقة طيران عسكري ضخمة بقيمة 367 مليون دولار، وسط تحركات سياسية واقتصادية جديدة تعيد تشكيل خريطة التحالفات الإقليمية.
وقع الشيخ مشعل الأحمد الصباح أمير الكويت والرئيس التركي رجب طيب إردوغان، يوم الثلاثاء، أربع اتفاقيات في مجالات النقل البحري والطاقة والاستثمار المباشر والاعتراف المتبادل بشهادات البحارة، خلال المباحثات الرسمية التي جرت في قصر بيان بالكويت.

تأتي هذه الاتفاقيات في إطار جولة إردوغان الخليجية التي تشمل الكويت وقطر وسلطنة عُمان، والتي تمتد من 21 إلى 23 أكتوبر الجاري، مما يعكس الأهمية المتزايدة التي توليها أنقرة للمنطقة الخليجية ضمن استراتيجيتها الإقليمية الجديدة.
وفي لفتة رمزية تعكس عمق العلاقات الثنائية، تلقى أمير الكويت هدية من الرئيس التركي عبارة عن سيارة كهربائية من نوع "توغ" من الصناعات الوطنية التركية، تعبيراً عن تقدير إردوغان للعلاقات التي تربط البلدين. هذه الهدية تحمل دلالات اقتصادية مهمة، حيث تبرز التقدم التركي في مجال الصناعات التكنولوجية المتقدمة والتحول نحو الطاقة النظيفة.
وصرح وزير شؤون الديوان الأميري الشيخ حمد جابر العلي الصباح بأن المباحثات تضمنت استعراض العلاقات الثنائية وسُبل دعمها وتنميتها في مختلف المجالات، وتوسيع أُطر التعاون بين الكويت وتركيا نحو آفاق أرحب بما يخدم مصالحهما المشتركة، مؤكداً أن المباحثات سادها جو ودي عكس روح التفاهم والصداقة.

يرافق الرئيس إردوغان وفد رفيع المستوى يضم وزراء الخارجية والطاقة والموارد الطبيعية والخزانة والمالية والدفاع والصناعة والتكنولوجيا والتجارة، إلى جانب رئيس جهاز الاستخبارات ورئيس دائرة الاتصال في رئاسة الجمهورية، مما يشير إلى الطبيعة الشاملة لهذه الزيارة التي تغطي جوانب سياسية واقتصادية وأمنية.
وتكتسب هذه التطورات أهمية خاصة في ضوء الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين البلدين، حيث ترتبط الكويت وتركيا بنحو 68 اتفاقية تشمل كل مجالات التعاون، لا سيما على صعيد الاستثمارات الكويتية في تركيا والتعاون في مجال الدفاع.
وفي السياق الدفاعي، كشفت المصادر عن صفقة عسكرية استراتيجية مهمة، حيث أعلنت وزارة الدفاع الكويتية في يونيو 2023 التعاقد مع تركيا لتوريد منظومة طائرات من دون طيار من طراز "بيرقدار TB2" بقيمة 367 مليون دولار، بهدف تعزيز القدرات الدفاعية للجيش الكويتي، وقد دخلت هذه الطائرات المسيّرة الخدمة فعلياً في يوليو الماضي.
هذه الصفقة تعكس التحول النوعي في العلاقات العسكرية التركية-الخليجية، حيث تبرز تركيا كمورد موثوق للتكنولوجيا العسكرية المتطورة، خاصة في مجال الطائرات المسيّرة التي أثبتت فعاليتها في عدة مسارح عمليات إقليمية ودولية.
وبحسب رئيس دائرة الاتصال بالرئاسة التركية برهان الدين دوران، فإن الجولة الخليجية ستشهد بحث العلاقات الثنائية بأبعادها كافة، وسُبل تطوير التعاون القائم بين أنقرة والعواصم الخليجية الثلاث، إضافة إلى عقد مشاورات حول التطورات الإقليمية والملفات الدولية، مع توقيع اتفاقيات مختلفة لترسيخ أرضية العلاقات الثنائية.
وفي سياق متصل، شهدت الرياض نشاطاً دبلوماسياً مكثفاً، حيث منصة إكس استقبل الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، في الديوان الملكي بقصر اليمامة، عدداً كبيراً من الأمراء والعلماء والوزراء وجمعاً من المواطنين الذين قدموا للسلام عليه، في استقبال شهد حضور أكثر من 80 شخصية من كبار المسؤولين والأمراء.
كما التقى الأمير فيصل بن فرحان بن عبد الله وزير الخارجية السعودي مع نظيره الهولندي دافيد فان ويل، حيث بحثا العلاقات الثنائية وأوجه التعاون المشترك وسُبل تنميتها، واستعرضا آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، مما يعكس استمرار الجهود السعودية لتعزيز علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الأوروبية.
تشير هذه التطورات إلى دخول المنطقة الخليجية مرحلة جديدة من التحولات الاستراتيجية، حيث تسعى دول المنطقة إلى تنويع شراكاتها الدولية وتعزيز قدراتها الدفاعية والاقتصادية، في ظل التحديات الإقليمية المعقدة والتغيرات في النظام الدولي، مما يعيد تشكيل خريطة التحالفات والمصالح في المنطقة بشكل جذري.