في تطور صادم يهز اليمن، غرقت مدينة عدن بأكملها في ظلام دامس لأول مرة منذ عقود كاملة، بعد انطفاء شامل وكامل للكهرباء وسط موجة حر خانقة تتجاوز 35 درجة مئوية. مئات الآلاف من السكان يواجهون كارثة إنسانية مضاعفة مع توقف آخر قطرة مازوت في محطة "الرئيس" وانقطاع المياه تماماً، فيما تتسارع وتيرة المعاناة مع كل دقيقة تمر.
حمود البكري، موظف في محطة الرئيس، شاهد اللحظة الأخيرة: "رأيت آخر قطرة مازوت تُحرق أمام عيني، وسقطت المدينة في صمت مميت لم أسمع مثله طوال 20 عاماً من عملي." المصادر المطلعة تؤكد نفاد الوقود بالكامل وفشل وصول أي شحنات جديدة من مأرب أو حضرموت، بينما وصفت القواطر القادمة من حضرموت بأنها "غير كافية حتى لتشغيل المحطة لساعات محدودة". أم محمد من كريتر تبكي وهي تحاول تبريد أطفالها بالمراوح اليدوية: "كأننا عدنا لأيام ما قبل الكهرباء في الخمسينيات."
الدكتور سالم العدني، مختص هندسة الطاقة، حذر مراراً من هذا السيناريو الكارثي: "المنظومة كانت تعمل على احتياطي الطوارئ منذ شهور، وكنا نعلم أن الانهيار الشامل مسألة وقت." هذا الانطفاء الأول من نوعه منذ عقود يكشف عمق أزمة الطاقة وفشل التخطيط المسبق، حيث تحولت المدينة الساحلية إلى فرن كبير بلا تهوية يشمل مساحة تعادل الإسكندرية بأكملها.
الظلام ابتلع المدينة كانهيار جليدي، وباتت الشوارع مهجورة والنوافذ مفتوحة بحثاً عن نسمة هواء وسط رائحة العرق الخانقة في البيوت المغلقة. المستشفيات توقفت عن العمل، والطعام يفسد، وحالات الإغماء من الحر تتزايد بشكل مرعب. أبو علي، صاحب مولد كهربائي، يجسد الأمل الوحيد: "أشارك الكهرباء مع جيراني مجاناً، لا يمكن أن نترك الأطفال يعانون." الأهالي يصفون الوضع بـ"كارثي وغير مسبوق"، خاصة مع توقع استمرار الأزمة لأسابيع قد تؤدي لنزوح جماعي.
مع تصاعد الأزمة الإنسانية بوتيرة مرعبة، تتزايد الدعوات للتدخل العاجل قبل انهيار صحي شامل. الاستثمار في الطاقة الشمسية والحلول البديلة بات ضرورة حياة وليس مجرد خيار، فيما تبقى الساعات القادمة حاسمة لإنقاذ مدينة تحتضر. السؤال المرعب الذي يطرح نفسه: كم ستصمد مدينة بأكملها في ظلام دامس وحر خانق قد يستمر لأسابيع؟