18 يوماً فقط - أقل من عمر وردة - كانت كافية لتحطيم حلم فنان عظيم. مأساة جديدة تهز الأوساط الفنية والشعبية في اليمن: وفاة الفنان الشعبي علي عنبة بشكل مفاجئ بعاصمة الشتات والفن، القاهرة. بينما تقرأ هذه الكلمات، هناك عشرات الفنانين اليمنيين يواجهون مصيراً مشابهاً.
علي عنبة، الذي لطالما نغّم سماء اليمن بصوته الدافئ في ليالي السمر، لم يكن يتوقع أن تتحول رحلته إلى القاهرة إلى رحلة ألم انتهت بفقدان الحياة. 18 يوماً فقط قضاها في الغربة قبل أن يترك وراءه أربعة أطفال وزوجة يواجهون جدار الصمت والوحدة. "كان يحلم ببداية جديدة لأطفاله، لكن القدر لم يمهله"، هكذا وصف مصدر مقرب من الفنان معاناة آخر أيامه، في وقت اجتاحت فيه الأوساط الفنية موجة حزن على مواقع التواصل.
المعاناة لم تبدأ للتو. الإجراءات التعسفية من المليشيات الحوثية حرمت عنبة من مصدر رزقه. منع السمرات الليلية ونزاع قضائي على متر أرض مجاور لمنزله في صنعاء دفعه للمغادرة. مشهد مألوف لفنانين يمنيين اضطروا للهجرة تحت وطأة القهر واليأس. الخبراء يحذرون من اندثار التراث اليمني نتيجة الظروف المستجدة التي تحيط بالفنانين.
لكن ما مصير أولئك الذين قضوا حياتهم في رفد التراث وتربوا في أحضانه؟ قصة علي عنبة تثير تساؤلات جادة حول مستقبل اليمنيين المبدعين الذين يعانون في ظل هذه الظروف. فهل سيكون هناك المزيد من الهجرة، وفقدان للتراث، وتضييق خزائن الثقافة اليمنية؟ حان الوقت لاتخاذ مواقف جذرية تدعم هؤلاء الفنانين وتوثق أعمالهم قبل فوات الأوان.
رحل عنبة لكن قصته لم تُدفن. تذكرنا بحقيقة قاسية: كم من الأصوات الذهبية سنفقد قبل أن ندرك قيمة ما نملك؟ إنه نداء ملحّ للتحرك. دعونا نحافظ على ما تبقى من أصواتنا وتراثنا.