في أقل من 24 ساعة، شاهد مئات الآلاف من الأشخاص فيديو صادم يزعم تحرك قوات يمنية عسكرية ضخمة على الحدود السعودية، لكن التحقق كشف مؤامرة مذهلة: الفيديو الذي أرعب المنطقة بأكملها كان في الحقيقة مسروقاً من ليبيا وعمره 10 أشهر كاملة! في عصر تنتشر فيه الأكاذيب بسرعة البرق، قد تكون المعلومة المضللة التالية على بُعد نقرة واحدة من زعزعة استقرار منطقة بأكملها.
انتشر المقطع المفبرك كالنار في الهشيم عبر منصات التواصل الاجتماعي، يظهر مئات المركبات العسكرية متراصة في ساحة مفتوحة مع أغنية شعبية يمنية في الخلفية، مصحوباً بادعاء كاذب عن "استعدادات قوات درع الوطن في منفذ الوديعة لقتال الحوثيين". أحمد المحمدي، متابع يمني من صنعاء، يروي صدمته: "شعرت بالرعب الحقيقي، ظننت أن الحرب ستندلع من جديد وأن أطفالي في خطر". لكن د. سارة التحليلية، خبيرة التحقق الرقمي، كشفت الخدعة خلال ساعات: "الشعارات على المركبات تخص الجيش الوطني الليبي، والفيديو الأصلي منشور منذ مايو 2024".
كما انتشرت الشائعات المدمرة قبل اندلاع صراعات تاريخية، استغل مروجو هذا الفيديو المضلل التوترات المتصاعدة في المنطقة - من الضربات الأمريكية على مواقع الحوثيين إلى استهداف الملاحة في البحر الأحمر. الحقيقة الصادمة أن الفيديو الأصلي مُصور في قاعدة بنينا الجوية ببنغازي، ليبيا، خلال عرض عسكري بمناسبة الذكرى العاشرة لمعركة الكرامة. د. محمد الاستراتيجي، المحلل العسكري، يحذر: "خطورة هذه المعلومات المضللة تكمن في قدرتها على إشعال صراعات حقيقية في منطقة تعيش على برميل بارود".
فاطمة الصحفية، التي غطت العرض العسكري الأصلي في بنغازي، تكشف: "تعرفت على المشاهد فوراً، كنت هناك عندما صُور هذا الفيديو". تأثير هذه الكذبة تجاوز مجرد الأرقام - مئات الآلاف من المشاهدات تعني مئات الآلاف من الأشخاص الذين عاشوا لحظات من الخوف الحقيقي، تساءلوا عن مصير أبنائهم ومستقبل المنطقة. عائلات يمنية بأكملها أمضت ليالي بلا نوم، وأسواق مالية تذبذبت، ومسؤولون اضطروا لإصدار بيانات توضيحية عاجلة - كل هذا بسبب فيديو مسروق من بلد آخر ووقت آخر.
هذه الفضيحة الإعلامية تكشف حقيقة مرعبة: في عصر المعلومات السريعة، باتت الحقيقة والكذبة تتسابقان، والكذبة غالباً ما تسبق الحقيقة بمراحل. الدرس واضح - قبل أن تضغط "مشاركة" على ذلك الخبر الصادم، تذكر أن نقرة واحدة قد تساهم في نشر الذعر أو السلام. في المرة القادمة التي ترى فيها خبراً يبدو صادماً، هل ستتحقق منه أم ستساهم في نشر الكذبة التالية التي قد تزعزع استقرار منطقة بأكملها؟