في لحظة تاريخية تنتظرها الرياض منذ عقود، تستعد العاصمة السعودية لثورة حقيقية في عالم النقل مع إطلاق أكبر شبكة قطارات أوتوماتيكية في الشرق الأوسط خلال أيام قليلة. 85 محطة و6 مسارات تغير وجه مدينة يسكنها 8 ملايين شخص، في مشروع يحول حلم الملايين من سكان العاصمة إلى حقيقة مذهلة. لأول مرة في تاريخ المملكة: قطار كل 7 دقائق بدلاً من ساعات في الزحام، وبتكلفة تبدأ من 4 ريالات فقط - أقل من سعر كوب قهوة واحد!
أحمد المطلق، موظف يقضي ساعتين يومياً في زحمة المرور ويدفع 300 ريال شهرياً على البنزين, يعبر عن لهفته قائلاً: "أخيراً سأتخلص من معاناة سنوات مع الزحام والبحث عن مواقف". شبكة قطار الرياض الثورية تنطلق تدريجياً بداية من الأول من ديسمبر، حيث تبدأ المسارات الأول والرابع والسادس عملها، تليها المسارات الثاني والخامس في 15 ديسمبر، وأخيراً المسار الثالث في 5 يناير 2025. النظام يعمل 18 ساعة متواصلة من السادسة صباحاً حتى منتصف الليل، بتقنية أوتوماتيكية شاملة تضع الرياض في مصاف العواصم العالمية المتقدمة.
هذا المشروع الاستثنائي لم يأت من فراغ، بل جاء كاستجابة حتمية لمعاناة ملايين السكان من زحمة مرورية خانقة وتكاليف نقل متزايدة. د. محمد الراشد، خبير النقل الحضري يؤكد: "هذا مشروع القرن الذي سيغير حياة ملايين السعوديين، مثلما غير مترو دبي وجه الإمارة تماماً". الشبكة العملاقة تغطي مساحة أكبر من مدينة بحجم الكويت كاملة، وتربط أطراف العاصمة ببعضها لأول مرة في التاريخ. الخبراء يتوقعون أن يقلل النظام زحمة المرور بنسبة 50% خلال العام الأول، محولاً الرياض إلى مدينة ذكية نموذجية.
التأثير على حياة المواطنين سيكون جذرياً ومباشراً. سارة الفهد، موظفة في الحي المالي, تحكي بحماس: "سأوفر 70% من تكاليف النقل وأصل عملي في نصف الوقت المعتاد". النظام الذكي الذي يعمل عبر تطبيق "درب" يوفر تجربة مستقبلية بملمس التذاكر الذكية ورائحة النظافة في المحطات العصرية المكيفة. الازدحام المروري الذي كان يلتهم ساعات ثمينة من حياة الناس، سيصبح ذكرى من الماضي. المحطات الـ85 المنتشرة كنبضات قلب المدينة المنتظمة، ستفتح آفاقاً جديدة للاستثمار والتطوير العقاري حولها.
الرياض تقف على أعتاب تحول حضاري حقيقي، حيث تتحول من مدينة معتمدة على السيارات إلى عاصمة للنقل الذكي والمستدام. شبكة عملاقة بأسعار معقولة وتقنية متطورة تعد بمستقبل جديد يضع المملكة في المقدمة كنموذج للمدن الذكية في المنطقة. حمل تطبيق "درب" الآن وكن من أوائل المستخدمين لهذا الإنجاز التاريخي. السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل ستبقى عالقاً في زحمة الماضي أم ستنطلق نحو مستقبل الرياض المشرق؟
