أصدر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان تقريراً مهماً يوثق مقتل 7100 شخص من مسلمي الروهينغا في ولاية راخين بميانمار منذ الانقلاب العسكري عام 2021، وأكد أن ثلث الضحايا من النساء والأطفال، مما يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية عاجلة لوقف هذه الجرائم المروعة.
يكشف التقرير الأممي، الذي يغطي الفترة حتى 20 أغسطس 2025، عن تصاعد خطير في عمليات القتل والتعذيب وحرق القرى في ولاية راخين، حيث يؤكد المفوض السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أن "المدنيين من مجتمعي الروهينغا والراخين يواصلون دفع ثمن الأعمال العدائية" مع تكرار دورة الانتهاكات التي شهدها العالم عام 2017.

ووثق التقرير أيضاً اعتقال 29,560 شخصاً لأسباب سياسية، لا يزال أكثر من 22 ألف منهم رهن الاحتجاز دون محاكمات عادلة في ظل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي، مما يؤكد حالة التهجير القسري التي تستهدف الأقلية المسلمة.
تتزايد حدة الأزمة الإنسانية مع نزوح مئات الآلاف من الأشخاص، حيث فرّ حوالي 150 ألفاً من الروهينغا إلى بنغلاديش منذ نوفمبر 2023، لينضموا إلى نحو مليون آخرين كانوا قد لجؤوا سابقاً هرباً من الفظائع التي يرتكبها جيش ميانمار.
يوضح التقرير أن نحو نصف الضحايا المدنيين سقطوا نتيجة هجمات جوية مباشرة، مع تطور مقلق في التكتيكات العسكرية يشمل استخدام مواد كيميائية في المتفجرات وطائرات تكتيكية منخفضة التحليق. ووثّق المكتب الأممي أربع حوادث جسيمة، من بينها غارة جوية على مدرسة في 12 مايو 2025 راح ضحيتها 24 مدنياً بينهم 16 فتاة وستة أولاد ومعلمتين، كما سجّل أكثر من 640 هجوماً ضد مدارس منذ 2021.

وحذّر التقرير من تفاقم انعدام الأمن الغذائي، مع توقع أن يواجه 15.2 مليون شخص، أي ثلث السكان، مستويات حادة من الجوع هذا العام. يأتي هذا في ظل منع المساعدات الإنسانية والاختفاء القسري والاعتقالات التعسفية وحرق الممتلكات، مما يرسم صورة مروعة لمعاناة شعب الروهينغا.
أكد المفوض السامي أن الجيش وجيش أراكان يتصرفان بـ"إفلات شبه كامل من العقاب"، مشيراً إلى أن مقاطع الفيديو وصور الموت والدمار التي شهدها العالم إبان فظائع عام 2017 ضد الروهينغا "تتكرر مرة أخرى" في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.
في مواجهة هذه الجرائم، جدّد فولكر تورك دعوته لـ"إحالة الوضع في ميانمار بالكامل إلى المحكمة الجنائية الدولية من قبل مجلس الأمن"، مؤكداً أن "الوقت حان لاتخاذ إجراءات ملموسة لإنهاء العنف العبثي ضد شعب ميانمار".
دعا المسؤول الأممي إلى "تحرك عاجل لوقف العنف الوحشي وضمان وصول المساعدات الإنسانية"، مطالباً بتمويل إنساني فوري ودعم الجهود الدولية لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات القانون الدولي. وحثّ الدول الأعضاء على العمل للضغط على الأطراف للوفاء بالتزاماتها والسماح بوصول المساعدات إلى المحتاجين في ظل معاناة شعب حُرم من أبسط حقوقه الإنسانية.
يأتي هذا التقرير في وقت تشهد فيه منطقة جنوب شرق آسيا توترات متزايدة، حيث تواصل حكومة ميانمار العسكرية سياساتها القمعية ضد الأقليات والمعارضين السياسيين دون رادع دولي فعّال، مما يجعل من إحالة الملف للعدالة الجنائية الدولية ضرورة إنسانية ملحة لوقف مسلسل الانتهاكات المستمرة منذ سنوات.