يترقب عشاق الفلك في المملكة العربية السعودية وجميع أنحاء العالم العربي موعداً فلكياً استثنائياً لا يتكرر كثيراً، حيث تستعد سماء الليل لاستقبال خسوف كلي للقمر بتغطية مذهلة تصل إلى 136% يوم 7 سبتمبر 2025، مما يجعل ظل الأرض يمتد لمساحة أكبر من مساحة القمر ذاته في مشهد كوني مهيب يأسر الأنفاس.
أكد المهندس ماجد أبو زاهرة، رئيس الجمعية الفلكية بجدة، أن هذا الحدث الفلكي سيكون مرئياً بوضوح تام في المملكة العربية السعودية والعالم العربي، إضافة إلى معظم مناطق أوروبا وآسيا وأفريقيا وأستراليا. وأوضح أن الخسوف سيحدث خلال اكتمال القمر البدر في ليلة مباركة، مما يضيف أهمية خاصة لهذه الظاهرة الكونية النادرة.
تشير الحسابات الفلكية الدقيقة إلى أن جميع مراحل هذه الظاهرة الكونية ستستمر لمدة خمس ساعات و27 دقيقة كاملة، بينما ستبلغ فترة الخسوف الكلي وحدها نحو ساعة و22 دقيقة من الإبهار المتواصل. وبحسب الدكتور محمد غريب، أستاذ أبحاث الشمس بالمعهد القومي للبحوث الفلكية، فإن مراحل الخسوف ستبدأ عند الساعة 6:28 مساءً بدخول القمر منطقة شبه ظل الأرض، تليها بداية الخسوف الجزئي في الساعة 7:27 مساءً.
سيصل الحدث الفلكي إلى ذروته المذهلة عند الساعة 9:12 مساءً، حيث يغوص القمر في عمق ظل الأرض ويكتسي بلونه الأحمر النحاسي المميز، قبل أن يبدأ في الخروج تدريجياً من الظل في الساعة 9:53 مساءً، لتنتهي الظاهرة بالكامل عند الساعة 11:55 مساءً.
تزداد أهمية هذا الخسوف الكلي لكونه متزامناً مع اكتمال بدر شهر ربيع الأول لعام 1447 هجري، مما يجعله وسيلة دقيقة للتحقق من بدايات الشهور الهجرية. كما يؤكد الخبراء أن مشاهدة خسوف القمر آمنة تماماً للعين البشرية، على عكس كسوف الشمس الذي يتطلب نظارات واقية خاصة.
لا يقتصر شهر سبتمبر 2025 على خسوف القمر الكلي فحسب، بل يشهد مجموعة متنوعة من الظواهر الفلكية النادرة التي تزين السماء بعروض كونية مبهرة. ففي يومي 4 و20 سبتمبر، ستحدث ظاهرة نادرة تتمثل في عبور ظل تيتان، أكبر أقمار زحل، على قرص الكوكب المحاط بالحلقات، مما يخلق مشهداً فلكياً لا يحدث إلا كل عدة سنوات.
تتزين سماء سبتمبر أيضاً بلقاءات كوكبية مميزة، حيث تضيء كواكب الزهرة والمشتري الأفق الشرقي قبل الفجر، مع انضمام كوكب عطارد في الأيام الأولى من الشهر. وفي 19 سبتمبر، ستشهد السماء لوحة استثنائية عندما يقترب هلال القمر من كوكب الزهرة بجوار نجم قلب الأسد، مشكلين مثلثاً ضيقاً يسر أنظار المراقبين مع فرصة نادرة لمشاهدة "نور الأرض" ينعكس على القمر.
يتزامن هذا الثراء الفلكي مع تغيرات فصلية مهمة، حيث يشهد 22 سبتمبر الاعتدال الخريفي في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، بينما يستقبل النصف الجنوبي بداية الربيع الفلكي. هذا التوقيت المثالي يجعل سبتمبر 2025 فترة ذهبية لعشاق الفلك، حيث تودع سماء الصيف تشكيلاتها النجمية البديعة وتستقبل مجموعات النجوم الخريفية.
تعتبر الأسابيع الأخيرة من سبتمبر الفترة المثالية لرصد السماء، حيث يبتعد القمر عن السماء تاركاً المجال لرؤية مجرة درب التبانة بوضوح، خاصة في المواقع البعيدة عن التلوث الضوئي. وتشمل المجموعات النجمية البارزة في النصف الشمالي الدب الأكبر والأصغر وذات الكرسي والفرس الأعظم والمرأة المسلسلة، فيما تهيمن كوكبة القوس على السماء في النصف الجنوبي لاحتوائها على مركز مجرتنا.
يؤكد أبو زاهرة أن شهر سبتمبر 2025 يقدم مزيجاً فلكياً نادراً يجمع بين الخسوفات والكسوفات وعودة زحل بأبهى صورة ولقاءات كوكبية مثيرة، مما يوفر فرصة مثالية للاستمتاع بدرب التبانة ومشاهدة روائع السماء، سواء من داخل المدن أو في المواقع المظلمة. هذا التنوع الكوني يمكّن الهواة والمهتمين من الاستمتاع بتجربة فلكية شاملة تناسب جميع مستويات الخبرة والاهتمام.
يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على منصة إكس
يمثل هذا الشهر فرصة نادرة لربط الأجيال بسحر السماء وعظمة الكون، حيث تتيح هذه الظواهر الفلكية المتنوعة للعائلات والأصدقاء مشاركة لحظات استثنائية من التأمل والدهشة أمام المشاهد الكونية المهيبة التي تذكر بعظمة الخالق وتناغم الكون.