فاجأ نادي نيوم الصاعد حديثاً المتابعين بقدرته على خطف أحد أهداف النصر الرئيسية في الميركاتو الصيفي، في خطوة جريئة تؤكد عزم الفريق الطموح على إعادة تشكيل توازنات سوق الانتقالات السعودي. هذه الضربة الاستراتيجية من نيوم تأتي ضمن موجة تعاقدات عالمية استطاعت من خلالها مزاحمة الأندية الكبرى والظهور كقوة جديدة لا يُستهان بها في المشهد الكروي المحلي.
تمكن نيوم من تحقيق انقلاب حقيقي في استراتيجيته الانتقالية عبر استغلال اللوائح الجديدة التي تسمح بضم لاعبين أجانب تحت سن 21 عاماً خارج الحصة المعتادة للأجانب. هذا التكتيك الذكي مكّن النادي الصاعد من التنافس بقوة مع عمالقة الدوري السعودي على المواهب الشابة الواعدة، خاصة في ظل الإمكانيات المالية الضخمة التي يتمتع بها.
يبرز نجاح نيوم في خطف ناثان زيزي لاعب نانت الفرنسي مقابل 20 مليون يورو كدليل قوي على قدرة النادي على منافسة الكبار. هذا اللاعب الذي لم يتجاوز العشرين من عمره كان هدفاً محتملاً لأندية تقليدية مثل ليون ومرسيليا، لكن مشروع نيوم الطموح ورؤيته بعيدة المدى أقنعته بالانتقال إلى الدوري السعودي. إضافة إلى زيزي، نجح نيوم في ضم سايمون بوبريه وأمادو كوني، وهما لاعبان واعدان تحت سن العشرين أيضاً من الدوري الفرنسي.
لا تقتصر صفقات نيوم على المواهب الشابة فحسب، بل امتدت لتشمل نجوماً مخضرمين مثل ألكسندر لاكازيت المهاجم الفرنسي القادم من ليون، والحارس البولندي مارسين بولكا الذي انتقل بصفقة قدرت بـ15 مليون يورو. هذا التنوع في التعاقدات يعكس استراتيجية متكاملة تجمع بين الخبرة والطموح الشبابي.
يأتي نجاح نيوم في إطار تحول جذري يشهده سوق الانتقالات السعودي، حيث تصدر الدوري السعودي للمحترفين قائمة أكثر الدوريات إنفاقاً عالمياً بعد الدوري الإنجليزي الممتاز. ووفق تقارير صحيفة "ليكيب" الفرنسية، سجل الدوري السعودي عجزاً قدره 315 مليون يورو في صيف 2025، مما يضعه في المرتبة الثانية عالمياً بعد الدوري الإنجليزي الذي حقق عجزاً بلغ 1.189 مليار يورو.
تشير الأرقام إلى تراجع ملحوظ في عدد التعاقدات من الدوريات الأوروبية الكبرى، من 58 لاعباً في 2023 إلى 37 في 2024، وصولاً إلى 27 لاعباً فقط في 2025. هذا التراجع العددي قابله تركيز أكبر على نوعية اللاعبين المستقطبين، حيث حافظ متوسط أعمارهم على الاستقرار حول 28 عاماً، مما يعكس استراتيجية أكثر نضجاً ودقة في الاختيار.
يمثل صعود نيوم كقوة منافسة في سوق الانتقالات نموذجاً جديداً للأندية الصاعدة، حيث استطاع في زمن قياسي بناء مشروع رياضي قادر على جذب النجوم العالميين. هذا النجاح لا يقتصر على الجانب المالي فحسب، بل يمتد ليشمل رؤية استراتيجية واضحة تركز على التطوير طويل المدى والاستثمار في المواهب الشابة.
تزامن نجاح نيوم مع موجة استبعادات شهدتها أندية أخرى، حيث قرر التعاون استبعاد سعد الناصر وعون السلولي من مواجهة النصر تمهيداً لانتقالهما. هذه التحركات تؤكد ديناميكية السوق السعودي وقدرته على إعادة توزيع المواهب بما يخدم الطموحات التكتيكية والفنية للأندية المختلفة.
لا يمكن إغفال الدور الذي لعبته رؤية المملكة 2030 في تعزيز جاذبية الدوري السعودي، حيث ساهمت الاستثمارات الضخمة في الرياضة ودخول صندوق الاستثمارات العامة كمالك لأربعة من أبرز الأندية السعودية في خلق بيئة تنافسية جديدة. هذا التحول الجذري في ملكية الأندية رفع سقف الطموحات وأتاح إمكانيات مالية هائلة للتعاقد مع أبرز النجوم العالميين.
يشكل نجاح نيوم في خطف أهداف النصر وغيره من الأندية الكبرى إنذاراً مبكراً لضرورة إعادة النظر في استراتيجيات التعاقدات التقليدية. فالأندية الصاعدة حديثاً لم تعد مجرد أرقام إضافية في الدوري، بل أصبحت لاعباً أساسياً قادراً على تغيير قواعد اللعبة وإجبار الجميع على رفع مستوى المنافسة.
ومع استمرار فترة الانتقالات الصيفية، تتزايد التوقعات حول مزيد من المفاجآت التي قد يحدثها نيوم وغيره من الأندية الطموحة. هذا التطور يعد مؤشراً إيجابياً على صحة المنافسة في الدوري السعودي وقدرته على الحفاظ على إثارته وجاذبيته للجماهير والمستثمرين على حد سواء.