عاد المعلم خالد عكاش للحياة من جديد بعد معركة طويلة امتدت خمس سنوات مع الفشل الكلوي، انتهت بغيبوبة دامت ستة أشهر كاملة، ليحقق حلمه في امتلاك منزل يوفر الاستقرار لأسرته بدعم وطني تفوق توقعاته.
بدأت رحلة المعاناة عام 2018 عندما أبلغ الأطباء المعلم خالد بضرورة البدء الفوري في جلسات الغسيل الكلوي داخل مستشفى بالرياض. كانت الصدمة كبيرة على الرجل الذي لم يتوقع أن تتدهور حالته الصحية إلى هذا المستوى المتقدم.

قضى خالد شهراً كاملاً في المستشفى خاضعاً لجلسات الغسيل الكلوي المنتظمة والإجراءات الطبية المعقدة. لكن حالته تفاقمت بشكل مفاجئ، حيث دخل في غيبوبة عميقة استمرت نصف عام، وضعت أسرته في حالة قلق وترقب مستمر.
خلال فترة الغيبوبة الطويلة، واجهت عائلة خالد تحديات نفسية ومالية جسيمة. الأطباء لم يقدموا ضمانات واضحة حول إمكانية استعادة وعيه، مما جعل الأسرة تعيش في حالة من عدم اليقين والأمل المتأرجح.
عندما استفاق خالد من غيبوبته الطويلة، شعر وكأنه وُلد من جديد. أول ما خطر بباله كان توفير السكن الآمن لعائلته. قال في مقابلة مع قناة الإخبارية: "أول ما صحيت قلت لازم أوفر لعيالي بيت يسترهم".
لم يكن قرار امتلاك المنزل مجرد رغبة عابرة، بل تحول إلى مشروع حياة جديد يركز عليه خالد بكامل طاقته. توجه فوراً للاستفسار عن برامج الدعم السكني المتاحة، رغم ترديده الأولي بسبب المخاوف المالية.
تقدم خالد لمشروع وحدات البناء الذاتي، وهو أحد البرامج الوطنية التي تهدف لتمكين المواطنين من امتلاك مساكن كريمة. فوجئ بحجم الدعم والتسهيلات المقدمة، خاصة عدم الحاجة لدفع مقدم مالي، وهو ما كان يشكل عائقاً كبيراً أمام طموحاته.
استغرقت إجراءات الموافقة والبدء في البناء أسبوعاً واحداً فقط، وهي سرعة لم يتوقعها خالد. بدأت عمليات البناء بشكل فعلي، واستمرت لمدة ثلاث سنوات حتى اكتمل المنزل وتم تسليمه بالكامل.
يؤكد خالد أن تجربته مع البرنامج السكني فاقت توقعاته بمراحل. التسهيلات المقدمة والمتابعة المستمرة من الجهات المختصة جعلت العملية سلسة ومريحة، رغم الظروف الصحية الصعبة التي يمر بها.
المنزل الجديد لا يمثل لخالد مجرد مبنى سكني، بل رمز للانتصار على المرض والظروف القاسية. يصف شعوره عند استلام المنزل بأنه كان بمثابة ولادة ثانية، حيث تمكن من توفير الأمان والاستقرار لأسرته بعد سنوات من القلق والترقب.
تلعب المشاريع الوطنية دوراً محورياً في دعم الأشخاص الذين يواجهون تحديات صحية مزمنة مثل الفشل الكلوي. هذه البرامج لا تقتصر على توفير السكن فحسب، بل تعيد الثقة والأمل للمرضى وعائلاتهم، وتساعدهم على إعادة بناء حياتهم بشكل طبيعي.
يشدد خالد على أن الدعم الوطني كان العامل الحاسم في تجاوز محنته. البرامج الحكومية وفرت له فرصة ذهبية لتحقيق حلم طال انتظاره، خاصة بعد الضغوط المالية التي تراكمت خلال فترة العلاج الطويلة.
تجربة الفشل الكلوي تتطلب دعماً نفسياً ومالياً مستمراً، ليس فقط للمريض بل للعائلة بأكملها. غسيل الكلى يستنزف الموارد المالية ويؤثر على جودة الحياة، مما يجعل الدعم الخارجي ضرورة حتمية وليس مجرد إضافة.
يعتبر خالد أن قصته دليل حي على أن الإرادة والدعم المجتمعي قادران على تحويل أقسى التجارب إلى قصص نجاح ملهمة. رحلته من غيبوبة طويلة إلى تحقيق حلم الاستقرار تبرهن أن الأمل لا ينطفئ مهما اشتدت الظروف.
اليوم، يقف المعلم خالد عكاش شاهداً على قدرة الإنسان على التغلب على أصعب التحديات عندما يتوفر الدعم المناسب والإرادة الصلبة. منزله الجديد يمثل بداية فصل جديد مليء بالأمل والاستقرار، بعد رحلة طويلة من المعاناة والصبر والانتظار.