الرئيسية / ثقافة وفن / "شاهبندر التجار اليمنيين": من راعي اغنام في قرية نائية إلى ملياردير عالمي وباني امبراطورية كبرى غيّرت وجه الاقتصاد العربي !
"شاهبندر التجار اليمنيين": من راعي اغنام في قرية نائية إلى ملياردير عالمي وباني امبراطورية كبرى غيّرت وجه الاقتصاد العربي !

"شاهبندر التجار اليمنيين": من راعي اغنام في قرية نائية إلى ملياردير عالمي وباني امبراطورية كبرى غيّرت وجه الاقتصاد العربي !

نشر: verified icon جيهان الحرازي 23 أغسطس 2025 الساعة 09:10 مساءاً

من بين أكثر قصص النجاح إلهامًا في العالم العربي تبرز قصة الملياردير اليمني و"شاهبندر التجارة اليمنية الراحل" الحاج هايل سعيد أنعم، الذي انطلق من قرية صغيرة نائية في تعز حيث كان يرعى الأغنام، ليبني إمبراطورية تجارية ضخمة تضم 92 شركة وتوظف أكثر من 35 ألف شخص حول العالم.

 تمثل قصته نموذجًا حيًا للإصرار والطموح الذي يتحدى الظروف ويتجاوز العقبات، محولًا الأحلام البسيطة إلى إنجازات اقتصادية غيرت وجه المنطقة.

البدايات والتحديات

ولد هايل سعيد أنعم عام 1902 في قرية قرض بمديرية حيفان في محافظة تعز اليمنية، حيث نشأ في بيئة ريفية بسيطة تعتمد على الزراعة ورعي الأغنام. 

يروي المؤرخون أن الفتى اليمني لم يستسلم لمحدودية الفرص في قريته النائية، فقرر في سن مبكرة – تحديدًا عام 1915 – أن يغادر قريته متجهًا إلى عدن باحثًا عن فرص أفضل للحياة والعمل. 

وتشير المصادر التاريخية إلى أن هذه الخطوة الجريئة كانت بداية رحلة طويلة من التعلم والاكتشاف.

لم تتوقف طموحات هايل عند حدود اليمن، فسرعان ما انتقل إلى فرنسا ليعمل في ميناء مرسيليا، حيث صقل مهاراته التجارية 

واكتسب خبرات عميقة في عالم التجارة والأعمال. وأوضحت سجلات سيرته الذاتية أن تلك الفترة شكلت منعطفًا مهمًا في حياته، إذ أتاحت له فرصة التعرف على أساليب التجارة العالمية وآليات السوق، مما أثرى رؤيته المستقبلية وساعده في بلورة أفكاره التجارية التي طبقها لاحقًا في مشاريعه.

تأسيس الامبراطورية التجارية:

بعد سنوات من الخبرة والتعلم، عاد هايل سعيد إلى اليمن ليضع اللبنة الأولى لإمبراطوريته التجارية. 

ففي عام 1938، أسس مع إخوته متجرًا صغيرًا في منطقة المعلا بعدن، مستفيدًا من موقع المدينة الاستراتيجي كميناء بحري مهم. 

ومن هذا المتجر البسيط، بدأت رحلة التوسع والنمو لتشمل أنشطة تصدير المنتجات اليمنية واستيراد السلع الأجنبية. 

وأشارت المصادر التاريخية إلى أن نقطة التحول الكبرى في مسيرته جاءت في سبعينيات القرن الماضي حين أسس أول مصنع في القطاع الخاص اليمني بمدينة تعز، بعد انتقاله إليها إثر تغيرات سياسية في عدن. 

هذا المصنع شكل نواة لما سيصبح لاحقًا مجموعة هائل سعيد أنعم، التي توسعت تدريجيًا لتشمل قطاعات متنوعة كالصناعات الغذائية والزراعة والتجارة والخدمات المالية.

الإرث والامتداد العالمي:

تحولت مجموعة هايل سعيد أنعم مع مرور الوقت إلى كيان اقتصادي ضخم تجاوز حدود اليمن ليشمل دولًا عديدة في المنطقة والعالم. 

وتفيد التقارير الاقتصادية أن نشاط المجموعة امتد إلى السعودية والإمارات ومصر والمملكة المتحدة، ووصل إلى قارات أخرى مثل آسيا وأفريقيا، حيث أسست فروعًا في ماليزيا وإندونيسيا وكينيا ونيجيريا. 

وحسب بيانات المجموعة، فقد تنوعت استثماراتها لتشمل 92 شركة في قطاعات متعددة، مما جعلها من أبرز الكيانات الاقتصادية في الشرق الأوسط.

ومما يميز قصة نجاح هايل سعيد أنعم أنه لم يكتف بالنجاح المادي، بل كرس جزءًا كبيرًا من ثروته للعمل الخيري والمسؤولية الاجتماعية. 

فقد ذكرت المصادر المقربة منه أنه أسس مؤسسة خيرية تهتم بالتعليم والصحة والتنمية، وساهم في بناء المدارس والمساجد في مختلف أنحاء اليمن. 

كما أشارت وثائق تاريخية إلى دوره في تمويل ثورة 26 سبتمبر 1962 في شمال اليمن، مما يعكس التزامه بقضايا وطنه. وظل هايل سعيد، رغم ثروته الطائلة، محتفظًا بتواضعه وبساطته التي عرف بها منذ نشأته في قريته النائية.

ورغم رحيل هايل سعيد أنعم في 23 أبريل 1990، استمر إرثه الاقتصادي والإنساني متألقًا في المشهد العربي والعالمي. تواصل مجموعته التجارية، التي يديرها اليوم أبناؤه وأحفاده، النمو والتوسع وفق الرؤية والقيم التي غرسها فيهم. 

وتبقى قصته شاهدًا على أن العزيمة والإصرار قادران على تحويل الأحلام البسيطة إلى حقائق كبيرة، وأن النجاح الحقيقي لا يقاس فقط بحجم الثروة، بل أيضًا بمدى التأثير الإيجابي في المجتمع والاقتصاد. 

فمن راعي أغنام في قرية نائية إلى مؤسس إمبراطورية تجارية، خطت قصة هايل سعيد أنعم نموذجًا ملهمًا للنجاح العربي الأصيل.

اخر تحديث: 24 أغسطس 2025 الساعة 01:55 صباحاً
شارك الخبر