أعلنت نقابة التربويين اليمنيين التعليمية في تعز أن 70% من معلمي المحافظة لم يتسلموا رواتبهم منذ ستة أشهر متتالية، في إطار دعوتها لمسيرة احتجاجية حاشدة يوم الاثنين القادم تحت شعار تصعيدي يهدد بتعطيل العام الدراسي بشكل كامل.
وأكدت النقابة أن هذا التحرك يمثل أكبر تصعيد احتجاجي في تاريخ القطاع التعليمي بالمحافظة، مشددة على أن المسؤولية تقع على عاتق الحكومة في حالة انهيار العملية التعليمية.
وبحسب بيان أصدرته النقابة، فإن المسيرة ستنطلق من جولة العواضي في شارع جمال، في تمام الساعة التاسعة صباحاً من يوم الاثنين المقبل، وسط تحذيرات صارمة من أن أي محاولة لكسر الإضراب بالقوة ستقابل بتصعيد أوسع وأشمل من جانب المعلمين والتربويين.
تشمل مطالب النقابة الأساسية صرف المرتبات المتأخرة التي تراكمت على مدى أشهر طويلة، إضافة إلى وقف ما أسمته "الجبايات غير القانونية" المفروضة على أولياء الأمور تحت مسميات مختلفة مثل مجالس الآباء ومبادرات تطوير المدارس. ووصفت النقابة هذه الجبايات بأنها "ابتزاز غير قانوني يرهق كاهل المواطن وينسف مبدأ التعليم المجاني"، داعية الأسر إلى رفضها والانضمام للاحتجاجات.
كما طالبت النقابة بوقف التعسفات التي تطال الكوادر التعليمية والإدارية، ورفض ما أسمته "الحلول الترقيعية" التي لا تعالج جوهر الأزمة التعليمية في المحافظة. وأشارت إلى أن الوضع الحالي للمعلمين بات لا يُطاق، خاصة مع استمرار تجاهل الحكومة لمطالبهم المشروعة رغم التحذيرات المتكررة.
ويُقدر عدد المعلمين والمعلمات في محافظة تعز بحوالي 18 ألف معلم، يعمل غالبيتهم في ظروف مهنية ومعيشية بالغة الصعوبة. وتشير الإحصائيات المحلية إلى أن أكثر من ثلاثة أرباع هؤلاء المعلمين لم يحصلوا على مستحقاتهم المالية منذ بداية العام الجاري، مما فاقم من أزمة القطاع التعليمي الذي يعاني أصلاً من تراجع كبير في الإمكانيات والموارد.
وفي سياق متصل، وجهت النقابة دعوة عاجلة إلى كافة النقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية للتضامن مع قضية المعلمين، معتبرة إياها "قضية وطنية لا تخص فئة دون أخرى". وأكدت أن الحراك التربوي السلمي سيستمر حتى تحقيق جميع المطالب، مشيرة إلى أن الإضراب لم يكن خياراً سهلاً بل "نتيجة لاستمرار الإهمال وتجاهل الصوت التربوي من قبل الجهات المسؤولة".
كان قد سبق هذا التصعيد إنذار نهائي وجهته النقابة للحكومة اليمنية، منحتها فيه مهلة قصيرة لتنفيذ جملة من المطالب الحقوقية، ملوحة بإضراب مفتوح وتعليق كامل للعملية التعليمية في حال استمرار تجاهلها. وشملت تلك المطالب صرف حافز غلاء المعيشة شهرياً لجميع التربويين، وإعادة هيكلة الأجور بما يتناسب مع أسعار الصرف الحالية، واستكمال صرف العلاوات والتسويات حتى عام 2024.
وأشارت النقابة في بياناتها السابقة إلى أن تأخير صرف راتب شهر يوليو 2025 حتى الآن يُعد "إهانة متعمدة" و"اعتداءً على حق المعلم في العيش الكريم"، محملة الحكومة كامل المسؤولية عن أي تداعيات قد تنجم عن تجاهل هذه المطالب.
يأتي هذا التصعيد في توقيت حساس، حيث تستعد المدارس في محافظة تعز وبقية المحافظات اليمنية لبدء العام الدراسي الجديد في 31 أغسطس الجاري. وتثير استمرارية الإضراب مخاوف جدية من تعطيل العملية التعليمية للعام الثاني على التوالي، مما يزيد من أعباء أولياء الأمور والطلاب ويهدد مستقبل آلاف الأطفال في المحافظة.
ومن جانب آخر، تواجه هذه التحركات الاحتجاجية انتقادات من بعض الأصوات المحلية التي تحذر من خطورة تعطيل التعليم وتأثيره السلبي على الأجيال الصاعدة. وتشير هذه الأصوات إلى ضرورة إيجاد حلول عملية تضمن حقوق المعلمين دون الإضرار بالعملية التعليمية، مؤكدة أن التعليم يبقى "شعاع الأمل الأخير" للخروج من دوامة المعاناة التي يعيشها اليمنيون.
وتعكس هذه الأزمة حجم التحديات الهيكلية التي يواجهها قطاع التعليم في اليمن، والتي تتطلب حلولاً جذرية تتجاوز المعالجات المؤقتة. ويراقب المتابعون بقلق تطورات الوضع في تعز، خاصة وأن نجاح أو فشل هذا التحرك قد يؤثر على باقي المحافظات اليمنية التي تشهد أوضاعاً مشابهة في القطاع التعليمي.