في تطور صادم يحبس الأنفاس، أعلن الرئيس اليمني رشاد العليمي رسمياً موعد صرف رواتب أكثر من 1.2 مليون موظف حكومي خلال الأيام المقبلة فقط - وعد ينتظره 6 مليون يمني بفارغ الصبر بعد شهور من المعاناة والحرمان. لأول مرة منذ أشهر طويلة، بصيص أمل حقيقي يضيء ظلمة الأزمة الاقتصادية التي تطحن البلاد. الخبر انتشر كالنار في الهشيم عبر المنازل والمكاتب، حاملاً معه آمالاً حذرة ممزوجة بذكريات الوعود السابقة التي لم تتحقق.
في لقاء رسمي مع السفير الإماراتي، أكد العليمي أن "صرف رواتب الموظفين سيتم خلال الأيام المقبلة" - جملة بسيطة تحمل آمال ملايين الأسر اليمنية. أحمد محمد، معلم من صنعاء وأب لـ4 أطفال، روى لحظة سماعه الخبر بصوت مرتجف: "شعرت وكأن قلبي توقف للحظات، ثم انفجرت فرحاً.. أطفالي لم يذوقوا طعم الحليب منذ أسابيع." الأرقام تكشف حجم المأساة: 70% انخفاض في القوة الشرائية للأسر منذ بداية الأزمة، ومعاناة تمتد لسنوات طويلة جعلت الراتب الشهري حلماً بعيد المنال.
منذ العام 2014، يعيش الموظفون اليمنيون أسوأ كوابيسهم المالية، مع انقطاع متكرر ومؤلم للرواتب حوّل حياتهم إلى صراع يومي للبقاء. الدعم السعودي والإماراتي في إطار تحالف دعم الشرعية يشكل شريان الحياة الوحيد للاقتصاد اليمني المنهار، وهذا الإعلان الأخير يأتي ثمرة لبرنامج الإصلاحات الاقتصادية الجاري تنفيذه. هذا الوعد يختلف عن سابقاته - كما يؤكد د. عبدالله الحميري، الخبير الاقتصادي: "الدعم الخليجي هذه المرة أكثر تنظيماً وارتباطاً ببرنامج إصلاحي شامل، مما يعطي بصيص أمل حقيقي."
من شراء رغيف الخبز اليومي إلى أقساط المدارس ودفع فواتير الكهرباء - كل تفصيلة في الحياة اليمنية معلقة بهذا الراتب المنتظر. فاطمة علي، ممرضة استمرت في عملها رغم عدم صرف راتبها منذ 8 أشهر، تصف الوضع: "كنا نعيش على الأمل فقط.. أطفال يسألون عن الحليب وأمهات يبكين في صمت." الخبراء يتوقعون انتعاشاً فورياً في الأسواق المحلية وارتفاعاً في معنويات المواطنين، لكنهم يحذرون من التضخم المحتمل مع تدفق الأموال المفاجئ. التجار يستعدون لزيادة الطلب، بينما البنوك تحضر لاستقبال طوابير طويلة من الموظفين المنتظرين.
وعد رسمي.. دعم خليجي.. وملايين من المنتظرين - هذه معادلة الأمل اليمني الجديدة. السؤال الذي يؤرق الجميع الآن: هل ستتحقق هذه المرة وعود الرواتب بعد سنوات من الانتظار والخيبات، أم سنشهد فصلاً جديداً من المعاناة؟ الأيام القادمة ستحمل الإجابة لملايين اليمنيين الذين علقوا آمالهم على هذا الوعد التاريخي.