أصدرت المحكمة الإدارية بنجران التابعة لديوان المظالم حكماً تاريخياً يُلزم فرع الأحوال المدنية في المنطقة بمنح الجنسية السعودية لفتاة أثبتت نسبها لوالدها السعودي من خلال تحليل الحمض النووي، وذلك رغم إنكار الأب لنسبها ومماطلة الجهات الرسمية في إنهاء إجراءات التجنيس.
جاء هذا الحكم عقب معركة قانونية طويلة خاضتها الفتاة على جبهتين، الأولى ضد والدها الذي رفض الاعتراف بنسبها، والثانية ضد الجهات الحكومية التي ماطلت في منحها حقوقها القانونية. وقد نجحت الفتاة في كسب المعركتين بفضل الأدلة العلمية القاطعة والإصرار على المطالبة بحقوقها أمام القضاء.
استند الحكم إلى نتائج تحليل الحمض النووي الذي أثبت بشكل قاطع صلة القرابة المباشرة بين الفتاة ووالدها السعودي، إضافة إلى شهادة رسمية من شيخ القبيلة التي ينتمي إليها الوالد تؤكد أن الفتاة سعودية الأصل والمولد والنشأة. هذان الدليلان شكّلا الأساس الذي بنت عليه المحكمة قرارها الحاسم.
واجهت الفتاة تحدياً مزدوجاً تمثل في رفض والدها الاعتراف بها، ثم في مماطلة فرع الأحوال المدنية بنجران في تنفيذ إجراءات منح الجنسية دون مبررات قانونية واضحة. وقد أكدت المحكمة في حيثيات حكمها أن هذه المماطلة كانت بلا أساس نظامي، مما دفعها لإصدار قرار ملزم بتصحيح وضع الفتاة القانوني فوراً.
يمثل هذا الحكم تطبيقاً عملياً للمادة السابعة من نظام الجنسية السعودية، التي تنص على أن يكون سعودياً من وُلد داخل المملكة أو خارجها لأب سعودي أو لأم سعودية وأب مجهول الهوية أو عديم الجنسية. وقد طبقت المحكمة هذه المادة بروح العدالة التي تحمي حقوق الأبناء حتى في حالات الإنكار أو النزاع.
حصلت الفتاة على تأييد إضافي لقضيتها من محكمة الاستئناف الإدارية التي أيدت حكم الدرجة الأولى، مما جعل القرار نهائياً وواجب التنفيذ. هذا التأييد يعكس توافقاً قضائياً على أهمية حماية حقوق الأبناء السعوديين والاعتماد على الأدلة العلمية في حسم النزاعات القانونية.
يُعد هذا الحكم سابقة قانونية مهمة في التعامل مع قضايا إثبات النسب المتنازع عليه، حيث يؤكد أن العدالة الناجزة يمكن أن تتحقق حتى في أعقد القضايا الأسرية. كما يبرز الحكم أهمية استخدام التقنيات العلمية الحديثة مثل تحليل الحمض النووي كأداة موثوقة لحسم المنازعات القانونية بدقة وموضوعية.
وبهذا القرار التاريخي، تمكنت الفتاة أخيراً من الحصول على هويتها القانونية الكاملة كمواطنة سعودية، منهية بذلك رحلة طويلة من النضال القانوني والاجتماعي للمطالبة بحقوقها الأساسية في الانتماء والمواطنة.