في مشهد يفطر القلوب ويهز الضمائر، يواجه طفل يمني في عمر الزهور حكماً بالإعدام لجريمة لم تكن سوى دفاعاً مشروعاً عن النفس ضد محاولة اغتصاب وحشية. مهند السعيدي، الذي غادر قريته الفقيرة بحثاً عن لقمة العيش لإعالة أسرته، يجد نفسه اليوم في زنزانة الموت بعد أن رفض الاستسلام لمعتدٍ حاول انتهاك شرفه. الوقت ينفد أمام إنقاذ براءة من حكم جائر قد ينفذ في أي لحظة، والعالم يصرخ: "أنقذوا مهند!"
في ليلة قاتمة بمنتصف الليل، وداخل محل بوفية متواضع في صنعاء، تحولت لحظات الرعب إلى مأساة حقيقية. مهند، الطفل النحيل الذي يعمل لساعات طويلة ليرسل ما يستطيع لأسرته الجائعة، واجه وحشاً بشرياً حاول الاعتداء عليه جنسياً. وفي لحظة دفاع مشروع عن النفس، تمكن من الاستيلاء على خنجر وطعن المعتدي، الذي فارق الحياة على الفور. "كان مثل شبل صغير يقاتل وحشاً كاسراً"، يقول أحد الشهود. واليوم، بدلاً من الحماية والعدالة، يجد هذا الطفل نفسه محكوماً بالإعدام في قرار يفتقر لأبسط معايير العدالة الإنسانية.
القضية تكشف عن مأساة أكبر تعيشها ملايين الأطفال في اليمن، حيث تدفع الحرب والفقر آلاف الصغار لترك مقاعد الدراسة والتوجه لسوق العمل في ظروف خطيرة. انتشار حالات العنف الجنسي ضد الأطفال العمال يتزايد بصمت مخيف، وسط غياب شبه كامل لآليات الحماية. د. سالم القحطاني، خبير القانون الدولي، يؤكد أن "إعدام الأطفال مخالف صريح لجميع المواثيق الدولية، وما حدث مع مهند يمثل انتهاكاً فاضحاً لحقوق الإنسان". هذا الحكم الجائر يذكرنا بأحكام محاكم التفتيش القديمة، حيث كان الضحايا يُعاقبون بدلاً من الجناة.
خارج أسوار المحكمة، تقف فاطمة السعيدي، والدة الطفل، وهي تذرف دموعاً حارقة على ابنها الذي أرسلته ليعمل ويعود بالرزق، ليواجه اليوم شبح الموت. "أرسلت طفلي ليجلب الخبز، وها هو يواجه الإعدام لأنه دافع عن شرفه"، تقول بصوت مخنوق بالبكاء. النشطاء الحقوقيون يطلقون صرخة استغاثة عالمية، مطالبين المنظمات الإنسانية بالتدخل الفوري. هذه القضية تضع آلاف الأطفال العمال الآخرين في دائرة الخطر، حيث يصبح الخوف من طلب المساعدة أو الدفاع عن النفس أكبر من الخوف من الاعتداء ذاته.
بينما تتصاعد موجة الغضب والاستنكار العالمي، تبقى حياة طفل بريء معلقة بخيط رفيع من الأمل. الحملة الدولية لإنقاذ مهند تكتسب زخماً متزايداً، والمطالبات بإلغاء هذا الحكم الجائر تتعالى من كل أنحاء العالم. هذه ليست مجرد قضية طفل واحد، بل صرخة في وجه الظلم وانتهاك براءة الطفولة. هل سنقف مكتوفي الأيدي أمام إعدام طفل دافع عن شرفه، أم سنرفع أصواتنا لإنقاذه قبل فوات الأوان؟