يكشف الواقع الاقتصادي اليمني اليوم عن فارق صادم يصل إلى ثلاثة أضعاف في قيمة الريال اليمني بين العاصمة المؤقتة عدن ومناطق سيطرة جماعة الحوثيين في صنعاء، مما يعكس انقسامًا عميقًا في النظام النقدي الوطني ويؤثر بشكل مباشر على حياة ملايين اليمنيين.
وفق آخر البيانات الرسمية، يتداول الدولار الأمريكي في مدينة عدن بسعر 1618 ريالًا للشراء و1633 ريالًا للبيع، بينما يستقر سعره في صنعاء عند 535 ريالًا للشراء و540 ريالًا للبيع. هذا التباين الهائل يعني أن نفس المبلغ بالدولار يمكن أن يشتري ثلاثة أضعاف البضائع والخدمات في صنعاء مقارنة بعدن.
يرجع المحللون الاقتصاديون هذا الفارق الجوهري إلى انقسام السياسات النقدية بين البنك المركزي في عدن والسلطات النقدية في صنعاء. فبينما يواصل البنك المركزي بعدن تطبيق إجراءات صارمة لمحاربة المضاربة وحماية العملة الوطنية، تتبع المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين سياسات نقدية مختلفة تمامًا تؤدي إلى هذا التفاوت الشاسع.
وتنعكس هذه الازدواجية النقدية بوضوح على الريال السعودي أيضًا، حيث يتداول في عدن بسعر 425 ريالًا يمنيًا للشراء و428 ريالًا للبيع، مقابل 140 ريالًا للشراء و140.5 ريالًا للبيع في صنعاء. هذا التباين يخلق تحديات معقدة للتجار والمواطنين الذين يتنقلون بين هذه المناطق أو يحتاجون للتعامل مع أطراف من مناطق مختلفة.
تؤثر هذه الانقسامات النقدية بشكل مباشر على القدرة الشرائية للمواطنين في المناطق المختلفة، حيث يواجه سكان المناطق الحكومية في عدن أسعارًا أعلى بكثير للسلع المستوردة مقارنة بنظرائهم في صنعاء. كما تخلق هذه الازدواجية فرصًا للمضاربة والتجارة غير المشروعة عبر الحدود الداخلية بين المناطق المختلفة.
ويشير خبراء اقتصاديون إلى أن هذا الوضع يعكس عمق الأزمة السياسية والاقتصادية في البلاد، حيث لا يمكن لاقتصاد موحد أن يعمل بفعالية في ظل وجود سلطتين نقديتين منفصلتين تطبقان سياسات متضاربة. وحذروا من أن استمرار هذا الانقسام قد يؤدي إلى مزيد من التدهور الاقتصادي وتعميق الفجوة المعيشية بين المناطق المختلفة في البلاد.
