كشف الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، عن الحكمة الإلهية وراء تحديد القرآن الكريم لمدة مكوث أصحاب الكهف بدقة (309 سنوات) مع ترك الجدل مفتوحاً حول عددهم، مؤكداً أن هذا الأسلوب القرآني يحمل درساً عميقاً في التركيز على ما ينفع الإنسان.
وأوضح الجندي خلال برنامج "لعلهم يفقهون" على قناة دي إم سي، أن الله سبحانه وتعالى اتبع منهجاً محكماً في سرد قصة أصحاب الكهف، حيث فتح باب الاجتهاد في عددهم دون حسم نهائي، بينما قطع بشكل قاطع مدة بقائهم في الكهف. وقال إن هذا التمييز في التعامل مع المعلومات يعكس "كونية القرآن" ودقته المعجزة في تحديد ما يجب أن يُعرف وما يُترك للتفكر.

وأشار الجندي إلى أن القرآن استخدم عبارات مختلفة عند الحديث عن عدد أصحاب الكهف، مثل "سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم، ويقولون خمسة سادسهم كلبهم، ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم"، ثم ختمها بقوله "قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل". هذا الأسلوب يشير إلى أن العدد الدقيق ليس هو محور الدرس المستفاد، بل إن هناك من يعلم الحقيقة دون الحاجة للجدال العقيم.
في المقابل، جاءت الآية المتعلقة بزمن مكوثهم محسومة تماماً: "ولبثوا في كهفهم ثلاث مئة سنين وازدادوا تسعاً". وأوضح الجندي أن هذا التحديد الدقيق للمدة الزمنية يحمل الرسالة الحقيقية للقصة، وهي إظهار قدرة الله على حفظ الإنسان عبر فترات زمنية طويلة تتجاوز المألوف البشري.
وأكد الداعية أن المعجزة الحقيقية تكمن في طول المدة التي قضاها أصحاب الكهف دون أن يشعروا بمرور الزمن، مشيراً إلى أن هذا الجانب الزمني هو ما يجب التركيز عليه بدلاً من الانشغال بعددهم. وقال إن القرآن يوجه المؤمنين نحو ما ينفعهم ويصرفهم عن التعلق بالتفاصيل التي لا تضيف قيمة حقيقية لفهم الدرس المقصود.
ولفت الجندي إلى أن الآية الكريمة "فلا تمار فيهم إلا مراءً ظاهراً ولا تستفت فيهم منهم أحداً" تؤكد أن الجدال حول عدد أصحاب الكهف ليس من أبواب الفائدة، وأن الحكمة الإلهية تقتضي توجيه العقل البشري نحو استيعاب عظمة الخالق في إدارة الزمن والحياة، بدلاً من الانشغال بتفاصيل لا تغير جوهر الرسالة القرآنية.